قضايا
شيماء هماوندي: الفلسفة والرسم بالكلمات
ماذا لو إستخدمنا الكلمات بدلاً من الألوان؟!
الكلمات هي ليست مجرد وصف للأشياء، بل هي وسيلة لخلق صورة ذهنية داخل العقل، وفي عالم الفن والألوان، يعتبر الرسم هو وسيلة للتعبير عن الأفكار والأحاسيس، ولكن ماذا لو إستخدمنا الكلمات بدلاً من الفرشاة والألوان؟!
نزار قباني وديوان الرسم بالكلمات
أول من إستخدم مصطلح (الرسم بالكلمات)، هو الشاعر نزار قباني، حيث ألف ديواناً بعنوان (الرسم بالكلمات)، يتضمن مجموعة من القصائد، التي تُعبر عن إسلوبه الفريد في التعبير عن المشاعر والأفكار وتحويلها الى صورٍ حية ماثلة في الذهن، حيث تميز نزار قباني بِلغةٍ شعريةٍ عذبة و واضحة ومؤثرة، لدرجة أنه كان يًشكل بالكلمات صوراً تُعبر عن الحالة التي يتحدث عنها، وقد أصبح ديوان "الرسم بالكلمات" أحد اشهر أعماله الأدبية.
يُعد نزار قباني أحد أبرز الشعراء والكُتاب في الأدب العربي الحديث، وقد كتب الكثيرون عن تجربته الإبداعية في الشعر، فهو من الشعراء القلائل الذين جمعوا بين النثر والشعر، وحصلت كتاباته على إهتمام واسع من العامة والمثقفين، لقد كانت بصمته واضحة في عملية التجديد دون أن يُنكر الماضي الحضاري للتراث العربي الشعري، لقد كان ومازال قامة شعرية مميزة، يردد أشعاره الناس وكأنها سمفونية عذبة، تُريح النفوس المُتعبة.
الفلسفة والرسم بالكلمات
الرسم بالكلمات هو عملية إبداعية، تستخدم الكلمات لتوصيل الأفكار والمشاعر، وإستحضار الصورٍ الذهنية لمخيلة القارىء، تماماً مثل الرسم بالفرشاة، ويمكننا إستخدام الكلمات لوصف منظر طبيعي، أو شخصية، أو حتى حالة نفسية، أو فكرة فلسفية، حيث أن الكلمات تستطيع أن تكون قوية جداً في إنشاء صور ذهنية، وإستحضار الأفكار على هيئة صور متحركة، تجعل القارىء يشعر بأنه جزء من المشهد.
الرسم بالكلمات هو ليس مجرد وصف للأشياء، بل هو أيضاً وسيلة لإنشاء صور ذهنية ومعاني فكرية جديدة، بعيدة عن التعقيد، حيث يمكننا إستخدام الكلمات لتكوين صور ورموز وإشارات حاضرة في الذهن ، تستحضر المشهد بكل عنفوانه كما لو أنه يحدث الآن، الرسم بالكلمات يتطلب مهارةً وحساً فنياً عالياً، وقدرة على تحويل الكلمات الى صور متحركة في الذهن، وكأنها مشهد حي يستحضره الكاتب في خيال القارىء، الرسم بالكلمات هو سيلة قوية للتعبير عن الأفكار والأحاسيس، ويمكننا إستخدامها كطريقة فعّالة لترسيخ فكرة،أو شرح مبدأ فلسفي، أو إستحضار موقف معين، إن الكلمات إذا إستطاع الكاتب توظيفها بشكل جيد ،لتخدم الفكرة التي يريد تصويرها، قد تصبح أداة فعالة، ليس فقط في الشعر والأدب والروايات، بل في التربية، والتعليم، والفلسفة، فهي بمثابة تشجيع على التفكير الإبداعي الخلاق، وتوظيف للخيال في خدمة العلم، ولا يجب ان ننسى أن كل فكرة و نظرية قد بدأت بصورة ذهنية في عقل إنسان مبدع، قبل أن تتحول الى واقع ملموس.
***
شيماء هماوندي






