قضايا

شيماء هماوندي: الفلسفة علاجاً للتعاسة

التعاسة هي حالة من الشعور بالضيق والحزن، وهي قد تنجم عن عوامل مختلفة ومتعددة، مثل فقدان إنسان عزيز، أو فقدان عمل، اوالفشل والخيبة، كل هذه العوامل يمكن أن تؤدي الى شعور الإنسان بالتعاسة، والواقع أن التعاسة هي جزء من منظومة الحياة الإنسانية ، وهي تجربة إنسانية معقدة، ومتعددة الأوجه، تشمل جوانب نفسية، وإجتماعية، وفلسفية، وإن التعامل مع التعاسة، وإيجاد حلول لها قد شكل تحدياً كبيراً للإنسان منذ القدم، وفي هذا السياق برزت الفلسفة بوصفها أداة تُقدم حلولاً للتعاسة، وكيفية التعامل معها، بوصفها حالة إنسانية يتعرض لها البشر في بعض مراحل حياتهم،ويعتبر الفيلسوف الرواقي (أبكتيتوس)، أحد أشهر الفلاسفة الذين كتبوا عن التعاسة، وبينوا أسبابها، وطرق النجاة منها، حيث كان له رؤية فلسفية خاصة، أشار أبكتيتوس من خلالها الى أن التعاسة تأتي من محاولة الإنسان السيطرة على ماهو خارج عن إرادته، مثل الأحداث الخارجية والممتلكات، فالتعاسة  ليست بسبب الأشياء، بل بسبب أفكارنا عنها، بينما يكمن السلام الحقيقي في التركيز على مايمكننا التحكم فيه، وهو أفكارنا وأفعالنا، لذلك فإن الشقاء ينبع من التعلق بالأمور الخارجية، ورغبتنا في السيطرة عليها، بينما السعادة الحقيقية تكمن في تقبل ما يحدث لنا، دون شكوى، لأنها تمنحنا الحرية الداخلية والسلام النفسي.

قدمت الكاتبة، والمفكرة (جولي ترمبلاي)، في كتابها  (الفلسفة علاجاً للتعاسة) ، رؤية فلسفية حول كيفية التعامل مع المشاعر السلبية، والأزمات النفسية من خلال الفلسفة، وكيف يمكن للفلسفة ان تكون علاجاً للتعاسة،حيث تشير جولي ترمبلاي الى أن الفلسفة يمكن أن تكون أداة قوية للتغلب على التعاسة، وتشرح الكاتبة كيف ان الفلسفة ساعدتها على رؤية العالم بمنظور مختلف، وفهم المغالطات المنطقية، والأخطاء والأوهام التي يعيشها الإنسان، وتقدم رؤى فلسفية متعددة، حول كيفية التعامل مع هذه الجوانب المختلفة من الحياة،وتؤكد جولي ترمبلاي ان الفلسفة ليست مجرد مجموعة من الأفكار المجردة، بل هي أداة عملية فعالة يمكن إستخدامها لتحقيق أهدافنا وتحسين حياتنا، ومن خلال الفلسفة يمكن أن نصبح أكثر وعياً بذواتنا وقدراتنا، وأكثر قدرة على مواجهة تحديات الحياة.

وختاماً نقول ان الفلسفة يمكن ان تكون علاجاً فعالاً للتعاسة، وللعديد من المشكلات الفكرية التي يواجهها الإنسان في حياته اليومية، وتقدم لنا أدوات لتغيير وجهة نظرنا، من خلال التفكير النقدي، و التحليل المنطقي، ورفع مستوى الوعي الفكري، وفي هذا السياق، يمكن للفلسفة أن تكون أداة فلسفية علاجية قوية للتغلب على التعاسة، وتحقيق السعادة والرضا.

***

شيماء هماوندي

في المثقف اليوم