قضايا

بتول فاروق: الأراضي المملوكة للرجال هي أراضي النساء ديانةً..!

أغلب ملكية الأراضي والعقارات في العالم مسجلة بأسماء الرجال، خاصة الزراعية. السبب ليس عشوائيًا بل نتاج تراكم أنظمة قانونية واجتماعية واقتصادية تهميشية للنساء.

حتى في الدول التي تضمن فيها القوانين المساواة، فإن الأعراف والتقاليد الاجتماعية وغياب التطبيق الفعلي يُبقي الفجوة قائمة. ( ظ: تقرير ( الفاو Fao.org.(

وإذا عرفنا أن الملكية تأتي في الغالب من العمل، فسنعرف مقدار الغبن والسرقة المنظمة التي تمارسها الحضارة الحالية تجاه النساء، ففي إفريقيا وأجزاء من آسيا، غالبًا ما تستغرق النساء ساعات طويلة بين الأعمال المنزلية والزراعية. مثل:

" في موريتانيا، مصر، الأردن، لبنان، المغرب، سوريا واليمن، النساء الريفيات يعملن 10 إلى 19 ساعة يوميًا في الأعمال المنزلية والزراعية مجتمعين. وفي المغرب، يمكن أن تصل ساعات العمل إلى 19 ساعة يوميًا في المناطق المروية، وإلى 15.5 ساعة في المناطق الجبلية (نسبة الأعمال المنزلية والزراعية)" بحسب منظمة الفاو.  أذن من أين أتت ملكيتهم؟

وثروات الأرض، كما يفترض هي للإنسان بجنسيه الذكر والأنثى، فخليفة الله في الأرض ليس هو الذكر وحده، فكيف استحوذ جنس واحد على أغلب ثروات الأرض؟

هل كانت النساء عبر التاريخ بلا عمل؟

هل كانت النساء ثانويات في الحضارة؟

من المعروف عالميا وبكل البلدان أن ساعات عمل المرأة أكبر من ساعات عمل الرجل، فالأعمال التفصيلية اليومية تستغرق وقتا طويلا، وهو عمل أكثر ازعاجا وروتينا مملا من عمل الرجل بالعادة، وهو يعطل كل طموحات المرأة الأخرى في الابداع الذاتي خارج العمل الذي أنيط بها قسرا سواء تحت سلطة الأمر الواقع أو سلطة الرجل القاهرة.

هذه الأراضي -التي يقول بعض فقهاء المذهب الجعفري أنها لاترث منها، خشية أن تدخل غريب على أرض عشيرة الزوج، هي أراضٍ تكونت عبر يديها.

من قال هي أرضه أصلا؟، أنها تملك الأرض وماعليها نتيجة جهودها المضنية، فهو لايعمل بقدرها، ولايعطي شيئا مجانا، فكيف صارت ملكه؟

أن الأرض أرضها ديانة لا قضاء، لأن الحضارة الحالية تشرك النساء في العمل اليومي بلا أجر، ولذلك كل مايقولونه من حكم فقهي بحرمان الزوجة من العقار، فأنهم حولوا الزوجة الى "عبدة" طيلة حياتها تعمل بلا أن تكسب مالا من عملها، هل العرف يجبرها على الزراعة والعمل المنزلي والرعائي؟ لا، فالعدالة هي أساس التشريعات.

لايملك الرجال في كل العالم أكثر من النساء اللواتي يفترض بهم لايعلْن الرجال والأطفال؟ فهذا يعني أن مالهن لايُنفق منه شيء.

اذن المرأة تملك الأرض إبتداء، أو في أدنى الأحوال هي تشاركه بالنصف، وسرقته منها بأحكام غير شرعية لايعني أنها ليست ملكها.

إنّ تنقيح الموضوعات ومعرفة ما اذا كانت الأراضي تعود للزوج فعلا،أم أنها نتاج عملهما معا؟ وكم نسبة كل واحد منهما؟ هذه ضرورة أخلاقية ودينية، فالأرض وثرواتها لم تعط لجنس دون آخر!.

***

د. بتول فاروق

النجف ٤/ ٩/ ٢٠٢٥

في المثقف اليوم