قضايا
سعد عبد المجيد: الإحباط وفقدان الأمل بين الشباب العراقي

الأسباب والحلول
في السنوات الأخيرة، انتشرت بين بعض الشباب العراقي موجة من الإحباط واليأس وفقدان الأمل في المستقبل، مما دفع الكثيرين للتساؤل عن أسباب هذه الحالة النفسية والاجتماعية الخطيرة، وسبل الخروج منها. فالشباب، الذين يُفترض أن يكونوا عماد التغيير والبناء، باتوا يعانون من مشاعر العجز والضياع، والرغبة في الهجرة بأي ثمن، أملاً في مستقبل أفضل في مكان آخر من هذا العالم.
ما أسباب انتشار اليأس بين الشباب العراقي؟
1. البطالة وغياب الفرص الاقتصادية
يعاني الشباب العراقي من معدلات بطالة مرتفعة، حيث تُشير الإحصاءات إلى أن نسبة كبيرة من الخريجين عاطلون عن العمل بسبب غياب الفرص التي تتلاءم مع تخصصاتهم. وحتى عند توفر فرص العمل، فهي غالباً غير عادلة أو غير مستقرة. كما أن الفجوة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل تُفاقم المشكلة. وتشير تقارير أواخر 2024 وبداية 2025 إلى أن نسبة البطالة بين الشباب تتجاوز 36%، وقد تصل إلى أكثر من 50% في بعض المحافظات الجنوبية كالمثنى وذي قار والبصرة.
2. الفساد المالي والإداري
يُعد الفساد المستشري في مؤسسات الدولة أحد أكبر العوائق أمام تمكين الشباب. تراجع الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والماء والتعليم يُفقدهم الثقة بقدرة النظام القائم على الإصلاح والتطوير.
3. غياب العدالة الاجتماعية
يعاني المجتمع العراقي من تفاوت طبقي كبير، حيث تتركز الثروة في أيدي قلة، بينما تعاني الغالبية من ظروف اقتصادية صعبة. هذا التفاوت يُعزز مشاعر الظلم والإحباط، خصوصاً عندما يشعر الشباب أن النجاح لا يتحقق بالكفاءة أو الجهد، بل بالمحسوبية والفساد.
4. الأزمات السياسية وانعدام الاستقرار
العنف المستمر، والاضطرابات السياسية، والتدخلات الخارجية جعلت من العراق بيئة غير مستقرة، أثّرت سلبًا على نفسيات الشباب، الذين يرون أن مستقبلهم مهدَّد في بلد لا يوفر لهم مقومات العيش الكريم.
5. ضعف النظام التعليمي وعدم مواكبة سوق العمل
كثير من الخريجين يكتشفون بعد التخرج أن ما درسوه لا يتناسب مع سوق العمل. ويعاني التعليم من تدهور البنية التحتية وضعف المناهج، ما يُنتج جيلاً غير مؤهل للمنافسة محلياً أو دولياً.
كيف يمكن استعادة الأمل؟
رغم التحديات، فإن استعادة الأمل ليست مستحيلة، بل تتطلب إرادة جماعية وجهودًا متكاملة:
1. تعزيز التعليم والتدريب المهني
يُفترض بالشباب تطوير مهاراتهم بأنفسهم عبر الدورات التدريبية والتعلم الذاتي، خصوصاً في المجالات المطلوبة مثل البرمجة، اللغات، والتسويق الرقمي، والتي تفتح فرص عمل حتى عن بُعد.
2. دعم المبادرات الشبابية والمشاريع الصغيرة
يمكن للشباب الاتجاه نحو ريادة الأعمال بدلاً من انتظار الوظائف الحكومية، والاستفادة من القروض والبرامج الداعمة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة.
3. المشاركة في التغيير السياسي والاجتماعي
على الشباب رفض الاستسلام والمشاركة الفعالة في الحياة السياسية والاجتماعية، عبر النضال السلمي والإعلامي لمحاربة الفساد وتحقيق الإصلاح.
4. الدعم النفسي والتوعية
من المهم إدراك أن مشاعر الإحباط طبيعية، لكن تجاوزها ممكن من خلال التوعية النفسية، تبادل التجارب الإيجابية، والانخراط في النشاطات الثقافية والاجتماعية.
5. التمسك بالأمل رغم كل شيء
التاريخ يُثبت أن الشعوب القوية تنهض من أصعب الأزمات. والعراق غني بإمكاناته وشبابه، والتغيير يبدأ بقرار فردي بعدم الاستسلام.
خاتمة
اليأس ليس خياراً، والشباب العراقي قادر على صناعة التغيير إذا آمن بقدراته. فالأمل ليس مجرد كلمة، بل إرادة وعمل مستمر، وبداية الطريق تبدأ بالخطوة الأولى.
ومن الله التوفيق.
***
د. سعد عبد المجيد ابراهيم