قضايا
حيدر عبد السادة: الهوية الشكلانية

يُمكنُ عدُّ الهوية بأنها عبارة عن مجموعة من السمات التي تسمح لنا بتعريف موضوعٍ معين، فهوية المركب الكيميائي تتحدد بالعناصر الأولية المكونة له، والعلاقة الأساسية التي تقوم بين هذه العناصر، وبالنسبة التنظيمية الخاصة بالمركب. ويعرف (كارديني) الهوية على أنها: نظام من الفعل وعمليات التكيّف مع الوسط الذي يحيط بالفرد، وهو الذي يشكل المصدر الأساسي للقلق الذي يجب على الفرد أن يتجنبه ويدفه عن نفسه، فالفرد كما هو الحال بالنسبة للجماعة الثقافية يبذل جهوداً للتكيّف مع المخاطر التي تواجهه وذلك لخفض درجة قلقه وتوتره.
وتكمن هوية فرد أو جماعة أو ثقافة في رسم الإجابة عن السؤال التالي: من ذلك الفرد، أو هذه الجماعة، أو هذه الثقافة؟ ويمكن للإنسان المعني نفسه بالسؤال أن يجيب، إذ يمكن للإنسان أن يحدد لنفسه صورة هويته وذلك هو نمط الهوية المعلنة ذاتياً، كما يمكن للإجابة أن تعلن بوساطة أحد الشركاء وتلك هي الهوية المعلنة بواسطة الآخر.
وبذلك تتألف الهوية الاجتماعية من مجموعة المعايير التي تسمح بتعريف فرد ما أو جماعة ما على نحو اجتماعي، وهي بالتالي المعايير التي تسمح للفرد باستحواذ وضعيته الخاصة في إطار مجتمعه، وبعبارة أخرى تعني الهوية الاجتماعية السمات والخصائص التي تضفي على الفرد من قبل عدد كبير من الأفراد الآخرين والجماعات الأخرى في المجتمع، ويمثل ذلك إحدى مؤشرات تماسك الهوية الثقافية، وهي هوية اجتماعية معروفة من قبل ممثلها الذي يوافق ويشارك في الحياة الاجتماعية عبر انتماءاته الاجتماعية المتنوعة.
ويتحدث إليكس شيللي في كتابه (الهوية: ترجمة: علي وظفة) عن الهوية المظهرية الشكلية، ويؤكد على أنها عبارة عن هوية يقترحها الفرد أو الجماعة من أجل الآخرين، وهي صورة للهوية تعد بطريقة أكثر أو أقل تطابقاً مع الهوية الحقيقية... وتعد هذه الهوية هوية اجتماعية، أي أنها معدة من أجل الأعضاء المشاركين في إطار الحياة الاجتماعية، ووفقاً لهذه الصيغة يمكن امتلاك عدة أنواع من الهويات المظهرية، صورة منها تعد لجماعات الانتماء، وعندما تعرض هذه الهوية على الآخرين فإنها (كما هو حال أية هوية)، تقتضي نوعاً من السلوك الذي يناسب صورتها، وعندما تكون صورة الهوية المظهرية قائمة على تضمنات الاحترام عموماً فإنها تتطلب سلوكاً يقوم على أساس الاحترام والتقدير والذي يجعل صورة هذه الهوية في مأمن من المفاجآت الممكنة.
فإن السمات التي تحدد الهوية المظهرية هي في أغلب الأحيان سمات عادية متوافقة ونموذجية، وتكمن مهمة الهوية المظهرية واقعياً، في إخفاء الصورة الحقيقية أو الحد من النظرة النقدية للآخرين، ومن أجل ذلك لا يوجد ما هو أفضل من التوفق المبتذل مع المعايير الثقافية الجارية.
***
د. حيدر عبد السادة جودة