قضايا

خالد اليماني: تأمّلات على حافّة المعنى.. رسالة إلى المصدر

لستُ أدري ماهيّةَ هذا الوجود، ولا كُنهَ حقيقتهِ؛ منذ أن وعيتُ على الحياة، أودعتُ زهرة شبابي في التأمُّل، والسؤال والمطالعة، فلعلّي بذلك لامستُ قدرةً على مجاوزة السرديات الكبرى، وبصيرةً أوضح في تمييز الظواهر المعرفيَّةِ والذاتيَّةِ، غير أنّي – حتى اللحظة – لا أدري ما مصدر هذا الوجود من «نبعِ تجاربيَ الشخصيَّةِ». وتلك أمنيتي الكُبرى، قبل أن أرحل: أن أعرف منشأ هذا الوجود، أهو إله فعلاً؟ إلهٌ مُشخَّص، يغضب ويحاسب ويغفر، أم هو الوجود ذاته، والروح السّاريَةُ فيه، كما ذهب إلى ذلك الهندوس وسبينوزا؟ أم أن المسألة أعقد بكثير، وأبعد غَورًا من أن تُدرك بالعقل والحواس، كما زعم كانط؟
لستُ أدري، وسأتوجّه إليك بإسمِ "الله"، لأنه الأقرب إلى قلبي، إذ نشأتُ مسلمًا، وهذا هو ضَعفي وانحيازي، على الرغم من يقيني بأن حقيقةَ هذا الوجود تتجاوز الأسماءَ، والعناوين، والقوالب الجاهزة. فهذه رسالتي إليك:
يالله…أأنتَ فعلاً هُناك؟
لا أتذكر أنّك منحتني الخيار: هل أريد أن أوجد، أم لا، لكن حتى لو لم تكن كما يصوّرونك، فإن هذا العالم موحشٌ، ومفرغ من معنى جليّ! كل الخيارات التفسيرية المطروحة لمصدر الوجود تبدو لي متهافِتة، مرحليَّة وسياقيَّة، ولا ترقى للسرمدية، بل حتى الصورة التي رسمها بك رجال الدين، كرجلٍ غاضبٍ في السماء، يعاقب من خالفه أشد العقاب.. أهذا أنت؟ أهذه الحقيقة؟
لا أريد سوى الحقيقةِ الأُمّ، إذا كنتَ تحبني بأي وجه من الوجوه، وتكترث لوجودي، فأرني ما يدلّ عليك، وسأفتح بصيرتي بقدر ما يسعني هذا العقل القاصرُ. لكن أعِدني أن تُكلّمني – لا سيّما – في أسوأ لحظاتي، حين يضيق صدري ولا أرى الألوان في الوجود.
كُنِ النورَ والهُدى في حياتي يا الله،
فالذي أتذكّره، يا الله، أنّي أحبّك كثيراً،
وأحبّ الصالحين، وأريد أن أعرف،
ولو بصيصًا من الحقيقة؛ الجزء..
الذي قد يشير إلى الكُلّ…
***
خالد اليماني

 

في المثقف اليوم