قضايا

جودت العاني: النقد ليس موعظة..!!

قد لا يجيد احدهم أو بعضهم استخدام النقد ومرماه في ساحة الفكر والثقافة والأدب، فيدلي بدلوه، دونما أي نصيب من الدراية باصول النقد، ويلقي بشباكه على النصوص، والنتيجة هي انه لم يصطاد غير الحصى من مجرى الفكر والأدب والفلسفة، وليس ذلك إنتقاصاً من أحد .

فإذا كان هذا الناقد أديبا موسوًعياً، فهو يتبحر في النص بدراية قواعد ألأدب وموسوعته .. وإذا كان الناقد مثقفاً معرفياً عاماً في مضمار الثقافة العالمية، فهو يؤشر أسس الثقافة ومنطلقاتها الموضوعية .. وإذا كان الناقد ظليعاً بمدارس الفكر والفلسفة نجده يتعرض للتناقض والتعارض ويتعامل بمهنية عالية ولا يطارد النصوص ذات المدلولات الفكرية والفلسفية العميقة ويوصمها بعشوائية دونما دراية بأسسها ومنطلقاتها وزمانها والبيئة التي جاءت منها ولماذا .؟

وإذا لم يكن مفكرا معروفاً ولا أديباً معلوما ولا فيلسوفاً يشار له بالبنان ، فكيفً يضع نفسه في عالم النقد وكيف له أن يكون واعظاً في عالم الأدب والفكر والفلسفة؟

النقد ليس موعظة والموعظة ليست مجالها النقدً، والنقد من اجل النقد ليس نقداً، إنما تسطيحاً للأشياء وتعويماً للكلمات والعبارات وإبرازا لسمات لا تقترب من النقد ولا تلامسه بحال.. النقد له مقومات ذات اعماق غائرة في الفكر والثقافة والأدب والفلسفة .. فهل يمتلك هذا الناقد أو ذاك حق النقد في الأدب والشعر والثقافة حتى يعلن القاضي والداني أحقيته في مرتبة الناقد؟

للنقد منهج منضبط يعالج النصوص وينطوي على دراية معنى النص واهدافه الفكرية والفلسفية، ومن دون هذا المنهج يتعذر الحديث عن نقد موضوعي .. فمفهوم النقد في العملية الفلسفية هو تقييم النص بعد تفكيكه الى عناصره الاولية حيث يلجأ النقاد مثلا الى المنهج لغرض التحليل، وبهذا المعنى يظهر المسعى الفلسفي للتفسير.

فالمنهج النقدي في تقييم وتحليل الأفكار مطقيا وموضوعيا هو المعول عليه لا ان يتولى من لا يعتمد على منهج النقد تلك الوظيفة المهمة والخطرة هي - علم كامل ومحدد ينطوي على مدخلات عميقة في الفكر والثقافة والفلسفة - وعدا ذلك تكون مهمة هذا الناقد قاصرة وسطحية.. وعندئذٍ، إذا كان النقد قاصراً وسطحياً فالنتائج حتما ستكون قاصرة وسطحية.

احياًنا يكون (الأسلوب) صعباً ومعقداً وفيه شيئ من التجريد فيصعب على ناقد لا يمتلك العمق الثقافي الكافي لإدراك النص في حقيقته.!!

***

د.جودت صالح

06/07/2024

 

في المثقف اليوم