آراء

علجية عيش: في نظرية الفوضي وهل هي حتمية؟

سؤال أطرحه: ما علاقة نظرية الفوضي بالقدر؟

تعدُّ نظرية الفوضي من أحدث النظريات الرياضية الفيزيائية، نشأت في سياق الأرصاد الجوية وهي من أكثر المسائل إشكالية، بل تزداد تعقيدا، لأنها تعيدنا إلى حياة الإنسان البدائي الذي اتسمت حياته بالفوضى، كما أنها مدمّرة للعقل وللثقة بين المناهج العلمية للمعرفة، وهي تعني كما يقول مفكرون عدم القدرة على التنبؤ بالعديد من التسلسلات العلمية، ويراها البعض على أنها عبارة عن اضطراب، مثلما نراه في تقلبّات المناخ وحركة أمواج البحر والتي تؤدي إلى كوارث طبيعية.

كما لها علاقة أيضا بالجانب الصحي يعبر عنها كبار الأطباء بحركة التذبذبات في عمل القلب والدماغ، يقال أن النظرية تطرح فكرة أن تحريك فراشة لجناحيها في مكان ما، سيساهم على المدى البعيد بتغيرات في الطقس من خلال إحداثها تموجات مهملة وصغيرة جدا في البداية، لكنها مع الوقت ستسبب إعصار في مكان آخر، عن نفسي لا أؤمن بفكرة الفراشة وحركتها في إحداث تغيرات في الطقس.

ما يلاحظ أن العامة من الناس ينظرون إليها من جانب سطحي، ويعبرون عنها بفقدان "النظام"، فنحن نعيش فوضى في حياتنا وداخل بيوتنا، في مأكلنا وملبسنا  في نومنا، نتقلب يمينا ويسارا  في علاقتنا بالناس  من يربطنا بهم قاسم مشارك ومع الأخر (الأجنبي)، وحتى في فكرنا وفي عباداتنا، نتخبط في أشياء هي من صنعنا، فنحن بسطحية فكرنا وبهمجيتنا قلبنا النظام إلى فوضى، نشنّ الحروب بدلا من أن ننشد السلام، وحكامنا يضعون قوانين ثم ما يلبثون أن يستبدلونها بقوانين جديدة خدمة لمصالحهم، فتخلق فوضى في التسيير، نحن فوضويون بطبعنا  في عواطفنا، فوضويون في ممارستنا السياسة، فوضويون في قراءة الأحداث، فكل واحد يطعن الأخر، لأن هناك من يريد إلغاءه ومحوه من الوجود.

تبقي فكرة أن نظرية الفوضى  إن كانت "حتمية" أم لا، جدل قائم بين طرفين (مؤمن وكافر بها)، فمنهم من يصدقها ومنهم من يُكَذِّبْ، لأنها تعبر عن " القدر"، والسؤال: ما علاقة الفوضى بالقدر؟ إذا قلنا أن القدر شيئ أخر، لا يمكن رؤيته أو  قراءته وفهمه، لكننا نؤمن به، ولا أحد يستطيع أن يوقفه  (وهذه مسألة أخرى)،  لأنه مرتبط بشيئ ثابت لا يتغير كـ: "الموت وخروج الروح من الجسد"، (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربّي)، فهي من "الإعجاز" وبالتالي لا علاقة لها بالفوضى، لأن العقل الإلهي أكبر من العقل البشري، فهو "نظام" (بمفهومه الفلسفي) قائم بذاته، لا يقدر على تفسيره إلا الراسخون في العلم، والسؤال يطرح نفسه بنفسه: هل الأديان نشأت على نظرية الفوضى؟

***

علجية عيش

في المثقف اليوم