آراء

عبد الأمير الركابي: المنطقة وانتهاء الايديلوجيا والتشبهيه الابراهيمه (4)

لاوجود في الشرق المتوسطي العربي لايه تفاعليه مع الراهن الحاضر ذاتيا على المنقلبين النقلي عن النموذج الاوربي، او الاستعادي الابراهيمي، المنحنيان المهمينان على العقل ومظاهر حضوره بغض النظر عن فعاليتها، وان هي قد دلت وان بلا ابداعية مواكبه للحظة، على قوة حضور الذاتيه غير الناطقة ولا المفصح عنها، وبغض النظر عن راهنيتها، ومع تعدد مظاهر واشكال الاستعادية التشبهيه الابراهيمه كما تجلت تحت وطاة النهوضية الاوربيه، فانها تظل تعكس من موضع حساس، قوة حضور المنجز الذاتي التاريخي وتعذر اقصائه من اللوحه.
وتولد التشبهية الابراهيمه كمنزع مقاومه ورفض ينطوي على رفض النموذجيه التفكرية والنموذجيه الاوربيه، بالاخص مايبدو من جانبها الالغائي للنمطية المجتمعية المقابله اللاارضوية التي هي خاصة ونوع تعبيريه هذا الموضع من العالم، علما بان حركة رفض الاوربة الحداثية تجري اليوم، ضمن حاله عدم توازن ذاتيه اهم معالمها واخطرها غياب النبوة و"الكتاب"، العنصران الحاسمان في بنية وفعالية اللاارضوية من جهه، والارجحية التاريخانيه المتولدة عن راهنية المنظور الغربي مقارنه بتاريخ المصدر اللاارضوي النبوي بصيغته الاخيرة الخاتمه، مايضع الاخير بموقع اللافعالية التاريخيه، بما انه لم يحقق المطلوب ويسود هو على مستوى المعمورة، بل على العكس تردت وضعفت نتائجا مفسحة المجال اما م الصعود الغربي وهيمنته الكاسحه على مستوى المعمو رة، الامر الذي يضعف للوهلة الاولى من مصداقية اللاارضوية النبوية تاريخيا، كحقيقة شمولية نهائية.
وكما سبق التنويه فان الحال العقلي اللاارضوي وقت مواجهته التحدي الصعودي الالي الغربي، يكون في حال من التردي الاقصى، هذا اذا اخذنا بالاعتبار كون التعبير المذكور ليس من دون حكم الفعالية التغييرية التاريخانيه، الامر الذي تكرسه الانحطاطية التشبهية، وشخص من مستوى محمد بن عبدالوهاب ادنى من ان يرتقي لمستوى التعبيرية التي يريد استحضارها مفصوله عن متعلقاتها اللاحقة على الوحي والكتاب الاخير، اي اجمالي ماقد حدث منذ القرن السابع حتى الثالث عشر، وانتهاء فترة النهوض الموصوله بالانطلاقة الجزيرية الكبرى، ونحن نعرف ان المذكور مجرد دارس للسلفيه الموروثة تلقاها في بغداد، وبعد تجربة عارضة له في البصرة، هرب منها وكاد ان يقتل اثناء هربه الى ان عاد الى بلاده ليباشر نوع استحضار مقفل، مادون عقيدي، ومستوى تدن معرفي منعه وقتها ان يعي نوع العلاقة الجوهر والاصل بين " العقيدة" و " القبيله"، فوضع دعوته التي بلا الهام راهن مشفوعة بتوهماته الموكوله الى اسباب تهديديه برانبه محفزه، بين يدي القبيله/ ال سعود/، الامر المخالف كليا للمبدأ النبوي المحمدي الذي حقق وقتها اخضاع القبيلة للعقيدة في مجتمع قبلي، الامر الذي استمر طيله عهده والراشدين من بعده، الى معاوية بن ابي سفيان بطل الانقلاب القبلي وعودة القبيله التي تستعمل العقيدة لاغراض الحكم العضوض الوراثي، غير المعروف في الجزيرة نفسها اصلا حتى قبل الاسلام، بحكم كونها مجتمع لادولة خاضع لاقتصاد الغزو، بلغ ذروة تازمه بسبب قطع الاحتلال الفارسي على مدى سنوات طويله للشريان التجاري الواصل بين البحر عند جنوب الجزيرة العربيه، والهلال الخصيب شمالا، المصدر الذي كان يؤمن الحد الادنى من التوازن المعاشي المجتمعي.
ولاشك ان بعضا من ملامح الاختناق التجاري المذكور قد لاحت في حينه مع الاحتلالات البرتغالية والهولنيه والبريطانيه للساحل الخليجي، وقطعها للطريق البحري الواصل للهند مصدر التجارة الحيوي التاريخي، الا ان شيئا نوعيا وانقلابيا كان قد حصل وقتها تاتى في حينه من افتقاد الجزيرة العربيه لميزتها الاهم، باعتبارها مجتمعا احترابيا استثنائيا بناء على نوع الاقتصاد الناظم لحياة هذا الموضع الصحراوي، الامر الذي اليه يعود بالدرجه الاولى ماقد حدث في حينه من انتشار لامثيل له في التاريخ البشري لانطلاق احترابي خارج من ارضه الصحراوية الجرداء المعزوله، بما لايصل الى ربع مليون مقاتل حاف، احتلو العالم الشرقي وصولا الى الصين والهند، والى الغرب وصولا لاسبانيا بما لايزيد على العشرين سنه، الامر الذي لامثيل ولاشبيه له في التاريخ البشري، علما بان الخارجين الحفاة من الصحراء لم يكونوا متميزين تسلحا وماكانوا يمتطون الدبابات ويطلقون الصواريخ، ولا تميزوا في اي مجال تسليحي احترابي ان لم يكن العكس، هذا وهم دخلوا الهلال الخصيب بزمن قياسي، والهلال يضم خمسة ملايين ساكن وقتها، وهم ليسوا اكثر من مائتي الف في ارض يحميها الغزاه الفرس والرومان، وجيوشهم المسلحه اعلى تسليح في وقته.
التازم الاقصى في مجتمع احترابي، السيف فيه يرضع مع صدر الام، وهو الحياة لمجتمع "طلع" لايحكم ولايحكم كما يقول عنها اهلها، حيث الفكرة الالهام اللاارضوي / النبوة /كيانيه مطابقه متعدية للكيانيه، يريد استعادتها ارضوي امي، يبدا من اعتماد قانون الغلبه القبيلي المتضاد كينونه مع مايجري استعماله لاغراض الحكم والسيادة التي ماتلبث ان تهزم "عسكريا" في ارضها على يد محمد على الالباني، ليذهب ال سعود بعدها منفيين الى الكويت فلايعرف عنهم وقتها دين ولادعوة، الى ان تحولت النبوة على يدهم الى ريع نفطي يستدعي الانكليز للاتيان بهم من منفاهم ليقيموا " دولة استعمال النبوة ريعيا للحكم المجافي كليا حتى لطبيعة المكان التاريخيه، محولة اياه من مجتمع محارب اعلى،الى مجتمع منزوع السلاح يعيش على اعطيات الحكم الممسك برقبة الابار ومردودها، نهايته محمد بن سلمان وتحديثاته الكاريكاتورية"، وكل هذا لم يستوجب بعد والى الساعه، اي توقف عند معنى التشبهية الابراهيميه ودرجة ترديها المريع قياسا لما تدعية وتتوهمه، من دون حتى مجرد انتباه الى اختلاف وتباين الدعوة السلفية المريع، مع ماتدعي استحضاره في غير ساعته واوانه، وبالذات بين هبة "الفتح" المحمدية الكونية العظمى، وبين الانهزام المخزي امام محمد علي للوهابيه في عقر دارها، كدالة على تغير اساس لم ينظر فيه الى اليوم، بين زمن ونوع ممارسة عسكرية ماقبل وابان الانطلاقة الجزيرة ومابعد، وصولا الى الانقلاب الالي واثاره على الممارسة العسكرية عموما، مايجعل التوافق بين الالهامية النبوية في حينه في القرن السابع والميزة الكينونه البنيويه، وطبيعة المفهوم المجتمعي المعاش والموروث للحكم، ونوع الدولة، ركائز مادية اساسية لتكريس الالهامية الايمانيه بغض النظر عن الفعالية، بالاخص ابان الطور التعبيري اللاارضوي النبوي الحدسي وختامه المحمدي.
ـ يتبع ـ
***
عبد الامير الركابي

 

في المثقف اليوم