آراء

عبد الأمير الركابي: الظاهره المجتمعية من التشكل الى التحلل (2-2)

تتداخل هنا المعوقات او العوامل المانعه دون تحقق الادراكية اللازمه في حينه والى الساعه، وعلى رأسها مسالة التفارقية النوعية النمطية المجتمعية، وما هو متوافق منها مع الصيرورة المجتمعية وافاقها المقررة، مقارنة باخرى غيرها، ربما تكون مهيأة لان تكون اكثر من غيرها حاضنه للافتتاح الانقلابي الالي ،ولبداياته تحديدا، وهو مالا يمكن مقاربة اسبابه الخارجه عن الطاقة الاعقالية الادراكية البشرية بما يخص ويتعلق بمنطوبات الظاهرة البشرية الحياتيه عموما، والمجتمعية كمحطة متقدمه، وربما اخيره من محطاتها المحسوبة والمدروسة اتفاقا مع الوجهه المقررة للوجود الحياتي المجتمعي.
من هنا وبناء عليه، يمكن ان يتم التوقف عند احتمالية انبثاق الالة في غير الموضع او نوع المجتمعية المطابقة لمنطواها، ولما هي موجودة لكي تحققه ضمن المسار المجتمعي، ووقتها يواجهنا الاصعب على مستوى الادراكية، وفي حين يتم الانغماس القصوري فيما حاصل في الموقع الذي عرف قبل سواه انقلاب الاله والرضوخ لابل الانسحاق تحت وطاتها، حيث لن تكون واردة باية حال احتمالية ذهاب التفكير والطاقة العقلية الادراكية، للبحث في مدى تطابق الكينونه النمطية المجتمعية الاوربية مع الغرضية الاليه، علما بان الغرضية المشار اليها مبهمه ماتزال وتظل كذلك مادامت متبقيات ومفاعيل الادراكيىة اليدوية ماتزال حاضره على مستوى المعمورة ككل.
هل الاله عنصر تقدم مجتمعي بالقياس لماقبله وحسب، ام هي قوة انقلاب من المجتمعية الجسدية الى العقلية؟ هذا سؤال من المستحيل وروده ابان الطور الانقلابي الالي الافتتاحي، لسبب رئيس هو الاخر نتاج القصورية العقلية التي تظل مرافقة لعلاقة العقل البشري بالظاهرة المجتمعية، فلا تقاربها عجزا، الى ان يفتتح الغرب بمناسيبة الانقلابيه المستجده بين تضاعيفه هذا الميدان مطلقا عليه تسمية "اخر العلوم" مع كل مايمكن توقعه ساعتها من احتمالية عدم النضج والاولية الابتدائية، بعد طور القرون الماضية من الانعدام الكلي للمجال او الميدان المعرفي الاساس والضروري ضرورة غير عادية، لاجل التعرف عل الذاتيه والجوانب الاهم من الحقيقة الوجودية ومآلاتها.
وياخذنا الامر لهذه الجهه الى الاهم والجوهر في الاكتشاف المستجد المجتمعي والنظر فيه، والذي يبقى خافيا ومبعدا عن الوعي والانتباه، ومن ثم عن البحث الضروري اللازم الذي لاعلم اجتماع من دون كشف النقاب عنه، ذلك هو مايعود للتحري فيما اذا كانت الظاهرة المجتمعية احادية او ازدواجيه كينونه وبنية نمطية؟ الامر الذي كان من شانه قلب كل الاستراتيجيات الحياتيه البشرية، بعد ان يكون قد غير، لابل قد قلب تماما اللحظة الانقلابيه على اهميتها الابتدائية، بحيث نصبح امام انقلابيتين كبريين، احداهما عملية انقلابيه والاخرى رؤيوية مواكبه ولازمه مقترنه بالانقلاب الحاصل ومكمله ضرورة له ولمنطوياته، واين هو ذاهب موضوعيا، وهو ماقد ظل خارج الادراكية، مكرسا الفصل بين الاله والوعي بها وبمنطواها الفعلي التحولي الانقلابي النوعي.
هل المجتمعية تنشأ بالاصل لاارضوية وتعيش تاريخها اليدوي كله تحت وطاة الغلبة المفهومية للنوع المجتمعي الاخر الارضوي، والاهم هل ياترى قد حلت ساعه نزع الهيمنه الارضوية على الادراك البشري؟ هنا يتمثل السؤال الحاسم الانقلابي والاعظم الذي به ومعه يمكن تصور الانقلابيه التاريخيه ممكنه وقابلة للتحقق،والا فان الاله لن تورث بالاخص مع انبجاسها في المجتمعية الارضوية،الا التوهميه والرؤية القاصرة الموروثة، معدلة او محسنة تحت طائلة وتبرير مايتولد ساعتها من انقلابيه في الممكنات وافاق التحقق العقلي مافوق اليدوي، والمتعدي له بمراحل، تتحول حكما الى سبب مقنع يكرس التوهمية الكبرى جاعلا منها لحظة تقدم اكبر، وحلول للعلم والعقلانيه، محل الخرافة والتدني الادراكي.
على هذا المنوال كان لابد من انتظار المسافة التوهمية المرافقة للانتقالية الاليه كمحطة انتقالية سابقه على توفر الاسباب الضرورة، حين تصير الانتقالية الانقلابيه مدار البحث مكتملة عناصرا، الامر الذي كان يوجب مرور المجتمعية القائمة واالغالبة منها الارضوية، بفترة اولى من الاصطراعية الالية مع البنية المجتمعية الموروثة، بعد دخول عنصر الالة عليها الامر الذي كانت الالة بذاتها تحتاجه حتى تكتمل هي بالذات، متجاوزه الصيغة الاولى الافتتاح التي كان لها ان تظهر وقتها بصيغة المصنعية، بما يعني خضوع الالة خلاف المعتقد الى مسار من التحول الاصطراعي قبل ان تكتمل بنيه ونوعا، اي ان الالة ليست كما قد قرر من نظروا اليها ابتداء، بل ماهي، وماستكون عليه عند نهياة الاصطراعية الثلاثية التي تتولد عنها وبسببها، حين تصبح تكنولوجيا عليا مابعد التكنولوجيا الانتاجية الراهنه، مع المتغيرات المواكبه المجتمعية الناجمه عن الاصطراعية المستجده، والتي تصيب البنيه المجتمعية الارضوية بالانحلال تباعا وباطراد في عقر دارها حيث تنبجس الاله، بينما تكون الكيانيه الامبراطورية والمجتمعية الامريكية المفقسة خارج رحم التاريخ قد دخلت التفاعلية الرئيسية وريثة للغرب الاوربي، متحولة لمركز قياده منذ اكثر من قرن مضى.
تتداعي البنية والكينونه المجتمعية الارضوية بصيغتها الازدواجية الطبقية، وموضع انبثاق الاله لصالح بنية اخرى قارية، تقوم على افناء ستين مليونا من السكان الاصليين، بلا تاريخ بنيوي، ولا طبقات، تعتاش على الفكرة المنقضية الليبرالية الاوربيه، وعلى الرسالية الزائفه، بينما تنتقل بالالة الى التكنولوجيا الانتاجية، والى اخراج الانتاجية من نطاق الكيانيه المحلوية / الوطنيه، الى العولمة المخترقة للسيادات الكيانيه، ووقتها تكون اللاارضوية هي الصيغة والكينونه المجتمعية المطابقة للحظة، ولنوع الانقلابيه الفعلية مابعد المجتمعية، ومافوق الكيانيه الوطن قومية، وماتتطلبة من منظور غائب ومؤجل على مدى الطور اليدوي والعتبة الافتتاحية الالية ، بانتظار الانقلاب بالفكرة لاارضويا، في الوقت الذي تحضر فيه التكنولوجيا مافوق الارضوية ومافوق الجسدية، حيث وسيله الانتاج المستجده عقلية بالدرجة الاولى، ذاهبة بالبنية المجتمعية وماتبقى منها خلال ماقد تعرضت له خلال الاصطراعية المصنعية، ومن ثم التكنولوجية الانتاجية من تاكل، الى مابعد مجتمعية جسدية ارضوية حاجاتيه، والى مافوق مجتمعية ذاهبة الى التحلل كما كانت بالاصل قد صممت تصيرا ومسارا.
الانقلاب الالي انقلاب نوعي مشابه للانقلاب من (الصيد واللقاط)، ال (التجمع + انتاج الغذاء)، بدايته غير لحظة تحققه، ومختلفه عنها، بالاخص على مستوى الادراكية والوعي، بالذات بالظاهرة المجتمعية، تحديدا مايتعلق بخاصيتها الازدواجية الارضويه الجسدية الحاجاتيه، ومقابلها اللاارضوية العقلية مافوق الجسدية، والمتحررة منها ومن وطاتها ومتبقياتها الحيوانيه العالقة ماتزال بالعقل، جوهر الكينونه المجتمعية البشرية المغادر للكوكب الارضي الى الكون اللامرئي.
***
عبد الأمير الركابي

في المثقف اليوم