آراء
بتول فاروق: قراءة في قانون الأحوال الشخصية العراقي المعدل
![](/images/1/batol_faroq.jpg#joomlaImage://local-images/1/batol_faroq.jpg?width=&height=)
القانون الجديد للأحوال الشخصية العراقي ضرب الأساس الذي أُعلن له وذكر في الأسباب الموجبة، وهو أن الناس أحرار في أحوالهم الشخصية بما يؤمنون، وذكروا أن أتباع المذهب الجعفري متضررون من عدم العمل وفق مذهبهم في قانون ١٨٨ الساري، ولكنهم وقعوا في سذاجة الفهم للفقه الجعفري، وأهم سمة فيه وأساس عظمته، وهو أنه فقه فردي، وأن باب الإجتهاد مفتوح فيه، وأن المكلف غير ملزم باتباع المجتهد الأكثر تقليدا ولا الرأي المشهور، ولا فقهاء النجف.
وهنا نسأل لماذا يحرم العراقي الذي يقلد مرجعا من غير النجف في العمل بفتاوي مرجعه؟ ولماذا يتبع المشهور؟ إذن اين الحرية للمواطنين بالعمل وفق معتقداتهم، المستند للدستور المادة ٤١؟
خاصة اذا كان هذا المواطن إمرأة ؟ فأغلب الإجتهادات الجديدة التي لصالحها هي آراء غير مشهورة، مثل سن البلوغ ١٣ سنة، او زواج البالغة الرشيدة بدون إذن الولي والزام الزوج بايقاع الخلع اذا طلبته الزوجة وجوبا عليه.
هذا القانون يقول لا للعمل بالإجتهادات الجعفرية الجديدة وابقوا - كما بقى الآخرون من المذاهب الأخرى على آراء فقهائهم القدماء - ولاتجددوا في فقهكم. وهنا مقتل الفقه الجعفري المتجدد الذي يواكب الحياة.
اغلب القانونيين يتصورون أن الأحكام الشرعية مثل القانون الذي يعدونه نصا لا اجتهاد أمامه، الحكم الشرعي بالفقه قابل للتغير بحسب إجتهاد كل مجتهد ولذلك هو مواكب للزمن ومتغير بحسب تطور الحياة، فلايجوز تقليد الميت، أي على المكلَّف إتباع غير المشهور من الفتاوى جبرا، إذا اجتهد مرجعه برأي ما غير مشهور.
ولذلك نشاهد الجمود عند القانونيين لأنهم يقيسون الفقه عليه.
الفقه إجتهاد بشري في النص التشريعي الثابت، وعمل المكلف الجعفري هو إتّباع من يراه الأعلم أو يراه مجموعة من الفضلاء أنه الأعلم فيأخذ برأيهم، وهذا هو الذي يحكم عمله وليس قانون فيه الكثير مما يخالف مذهبه (كما سأوضحه في منشورات قادمة) .
ان السعي وراء اسم فقط والحصول على نصر موهوم من أشخاص غير مؤهلين سوف يجعل هذا الفقه العظيم مجرد نصوص ميتة.
أن مثل هذا القانون المهم والذي يغير حياة الناس لابد ان يدرس دراسة مستفيضة، وأن تشارك به جعات دينية وقانونية وشعبية وممثلون عن المجتمع المدني، بحيث يشبع دراسة وبحثا، فالقانون المعدل هذا شوه الفقه الجعفري ولم ينصره ولم يطبقه كما يجب تطبيقه.
كان الأجدر أن يتم تلبية أتباع المذهب الجعفري بطريقة أسهل، وهي إجرائية أن ينتدب ويعين رجل دين (فقيه) في المحاكم يعرف ويتابع آراء المجتهدين ويعمل بآخر فتاواهم ويلبي مطالب الناس بحسب مجتهديهم، مهما كثر المجتهدون وبذلك نحفظ للفقه الجعفري فرادته وتميزه،لكن كما يبدو أن البعض يريد أن ينسب لنفسه نصرا ويعمل (حلاوة بكدر مزروف).
***
ا. د. بتول فاروق - النجف
١٣/ ٢/ ٢٠٢٥