آراء
عبدالامير الركابي: الهوية الشرق متوسطية الابراهيمه والعصر (2)
من البديهي ان ينظر للتحول الالي في بداياته وقد تحقق في الموقع الارضوي الازدواجي الطبقي الاعلى ديناميات ضمن صنفه،بحدود مايمكن ان يتيحه العقل الارضوي كمروية تعتبر ذاتها هي العالم، باعتبار ماقد حدث بين ظهرانيها وكانه حدث نهائي مكتمل، خصوصا وان هذا المجال لايجد امامه ولايعرف من صيغ المجتمعية غيرماهو عليه، هذا بينما الموضع اللاارضوي ومجتمعيته التاريخيه الازدواجية الاصطراعية، كان وقتها مازال يعيش اشتراطات اليدوية، لابل وهو في حال من الانحدار الانقطاعي من بين ثنائية دورات تاريخه المتراوح بين الانقطاع والصعود الدوراتي.
وضع من هذاالقبيل كان من المحتم ان يترك الانقلاب التحولي المستجد خارج الادراك والوعي الضروري المشتمل على حقيقة الحاصل اليوم وابعاده ومايترتب عليه، بما قد وضعنا بعكس ماهو شائع امام سياق تاريخي انتقالي يبدا بمحطة الانتقالية الالية الارضوية، ولا ينتهي او يكتمل الا مع انبثاق التحولية اللاارضوية، بما يجعل من غير الصائب ولا الدقيق باية درجة كانت، القول الذي ظل ماخوذا على انه الفصل الاجمالي الذي يجعل من ابتداء الانتقال الالي بصيغته الابتدائية الافتتاحية وكانه هو المطلوب والكمال، علما بانه مجرد خطوة اولى ناقصة تظل تنتظر التفاعلية والاصطراع على المستوى الكوكبي، قبل ان تكتمل وتصير معلومه الملامح والابعاد والمتطلبات.
ومع اشتراطات الارضوية المجتمعية ومستوى ادراكيتها وحدودها بمقابل مايتولد عن الانقلاب الالي مجتمعيا، وماتعرفه الحياة وقتها من انقلابيه تشمل الاليات المجتمعية، وبالذات منها الطبقية حيث انبجست الاله، فانه لايمكن تحاشي غلبة الاعتقاد الابتدائي بدرجه التحول الحاصل، ونوع الانقلابيه الواقعه بفعل الاله، خصوصا حين تقارن بتلك التي ماتزال يدوية في الغالب، اي من طور مجتمعي منته، ومن هنا تولد وتتراكم الاسباب الموجبه والضرورية لاعتبار والاقرار بخصوصية ورفعة الحال الحاصل الانقلابي الاولى الاوربي بفعل الاله ومايتولد عنها من تسارع في الديناميات، الامر الذي يمنحها الافضلية والتميز كوكبيا بلا منازع. ماقد كرس بناء عليه حالة التوهمية الابتدائية الالية، حتى وضع العالم بناء عليه ضمن سياقات افتراضية متفارقة مع الحقيقة الاليه نفسها، ومع المنطويات الحقيقية للحاصل التاريخي الانقلابي.
هذا وبقية العالم وبلدانه لايمكن ان تكون لها رؤية مقابلة لما لم تختبره ولاعرفته، وهو ماينطبق على الموضع الشرق متوسطي المقابل والمضاهي تاريخيا، مقابل ماقد توفر من اسباب الارجحية للموضع الالي الابتدائي، فوفر الاسباب واتاح ظهور نزعات تشبه وتماه مع التوهمية الغربية الاوربيه، الامر الذي شمل التصورات حول الدول، و انتهى الى الايديلوجيات وعلى راسها وبمقدمها "القومية" المفترضة بالتماهي بناء على غلبتها ونموذجيتها الغربية، مع مايلزم من تبريرات واهية لااساس لها، مثل العروبة وخروج العرب من الجزيرة العربية الى العالم، واستقرارهم خارج شبه الجزيرة العربيه، بالذات في الموضع الكوني الاستهلالي حيث ظهرت المسيحيه واليهودية والاسلام الذاهب الى حدود الصين شرقيا، في حين لم يكن لدى العرب حاملي الرسالة الابراهيمه الختامية اية دعوة قومية/ عروبيه/ في حينه، ولا كان من الممكن للعرب وهم في الجزيرة العربية معزولين يعيشون تحت فعالية اقتصاد الغزو الصحراوي، لولا الابراهيميه، خاصية المنطقة وتعبيريتها عن ذاتها، التي حملها العرب للعالم، مالايتلاقى مع مفهوم "القومية" الحداثي الاوربي، بما هو حالة ونوع تعبيرية دنيا مقارنة بالمدى والافق الابراهيمي المبكر الكوني، المخترق للبنى المجتمعية الاولى الامبراطورية الشرقية والغربية الصابه في هذا الموضع الفعال (روما وفارس)، والاعلى ديناميات على مستوى المعمورة.
ولاشك ان المشار اليه من التحاق بالنموذجية الحداثية الغربية شرق متوسطيا، هو بالاحرى الفصل الشرق متوسطي من التوهمية الاليه الغربية وانعكاساتها واثارها ضمن شروط الغلبة المبكرة الاستثنائية المؤقته، وقت حلت على اوربا وميزتها، مع مايقابلها من انتفاء الاليات المجتمعية و"التاريخانيه" في العالم الابراهيمي، وخاصيات تحقق وانبثاق الديناميات النهوضية وموضعها، ماقد ولد في حينه ازدواجية تعبيرية غير ملحوظة، طرفها الاول انبعاثي غير ناطق يبدا مع القرن السادس عشر في جنوب ارض الرافدين في ارض سومر، مع بدء الانبعاث الحديث الثالث بعد الدورتين الاولى والثانيه، يقابله ظهور مركز استعاري متماه مع اوربا تركز في مصر وساحل الشام، لاسباب تكوينه وبنيوية خاصة بالمنطقة الجاري الحديث عنها حيث الانماط الثلاث والمجال الوسط، العراق كازدواج مجتمعي ارضوي لاارضوي/ ومصر ككيانيه دولة احادية المجتمع فيها يتشكل في الدولة والكيانيه "الوطنيه"، وشبه الجزيرة العربية حيث اللاادولة الاحادية، وساحل الشام الموقع الذي لاتتوفر له اسباب التشكل الكياني. مع ما يحكم هذه اللوحه من ديناميات متعدية للقدرة العقلية المتاحة على الا دراكية البشرية واستمرار فعل "اللانطقية" الذاتيه، بالذات في الموضع الاعلى دينامية، الازدواجي، عدا عن خصوصيته التشكلية الصاعدة كقانون من الجنوب الى اعلى، والى الامبراطورية الازدواجية، وقد بدات اليوم بالفترةالاولى "القبلية" مع تشكل "اتحاد قبائل المنتفك" في ارض سومر التاريخيه، اعقبتها فترة "الانتظارية النجفية" الحديثة. قبل الفترة الثالثة الاخيرة الايديلوجية الحزبية المقترنه بالفبركة الكيانيه بعد الاحتلال الانكليزي.
هذا يعني ان منطقة شرق المتوسط كان عليها الانتقال من غلبة البرانيه الشرقية، الى البرانيه الغربيه بعد الاله ومايعرف بالحداثة الاوربية على الطرف الغربي من المتوسط، علما بانها تكون بالاحرى في حال انبعاث مغفلة بلا ذاتيه/ نطقية بمقابل ضخامة النطقية التوهميه الغربية، مايحجب بدايات حضور الذاتيه ومسارها الحديث غير المعبر عنه لصالح ماقد اعتبر من قبيل "النهضة الزائفة"، حيث التشكلات الثلاثة المصرية والشامية والجزيريه الارضوية كينونة بنيويه وديناميات، هي الحاضرة آنيا تحت طائلة دفع وبالتماهي مع الظاهرة الغربية المستجده، وبالتحديد ارتكازا الى الكيانيه "الوطنية" الاحادية المصرية التقليديه، المماثلة نمطيا للاوربيه من دون ديناميات اصطراعية ذاتيه، مع محمد علي، والطهطاوي، وعبده، والافغاني، ومايلحق بهم من نزوع قوموي علماني شامي، او نزوعات استعادية نبوية جزيرية خارج اشتراطاتها التاريخيه، لن تلبث ان تندحر بحكم تبدل وانقلاب الظروف، متحولة الى صيغه الريعيه القبلية المطابقة لمقتضيات الغلبة الغربيه.
هذا بينما العالم محكوم لاستبدادية وتوهميه المفهوم والرؤية الغربية للتحول الالي الحاصل اليوم، وتحديدا لتكريس الوحدانية التحولية، برهنها للنمطية ونوع المجتمعية الاوربية الاحادية الارضوية، من دون اي تنبه الى احتمالية ان يكون الحاصل في الغرب وقتها هو مقدمه وابتداء تحولي ناقص، لن يكتمل الا بعد ان يحضر المنظور اللاارضوي الشرق متوسطي، مع انتهاء امد "اللانطقية التاريخيه" تحت طائلة الاصطراعية المستجده نوعا، كصيغه تعبير حتمي آلي مابعد يدوي، اي التعبيرية اللاارضوية الثانية المطابقة للحظة الانقلابيه مابعد الابراهيمة الحدسية النبوية الاولى، اليدوية.
ـ يتبع ـ
***
عبدالامير الركابي