آراء

توفيق رفيق التونچي: نظام الكفيل والعبودية

هل نظام الكفيل يسمح بالعبودية والرق؟ ام انه نظام اقتصادي يؤمن الحياة الحرة للعامل وعائلته ولاقتصاد الوطني لدولة الوافد. نظام الكفيل معروف في العديد من دول العالم وبدا به كذلك في إقليم كوردستان لتنظيم للموارد البشرية للعمالة الأجنبية الوافدة في قطاع الخدمات.

يحدد النظام المتعارف علبه العلاقة بين صاحب العمل والعامل الأجنبي. حيث ان المواطن له الحق ان يتكفل اي شخص اجنبي قادم للعمل في البلد بعقد عمل وتسجيله لديه كعامل نظامي. وبذلك يكون ذلك العامل مرتبط اقتصاديا ولدية ديون ومستحقات لصاحب العمل يجب عليه إيفاءه في المستقبل. النظام كما عليه كل الأنظمة له محاسنه ومساوئه.

هذا النظام قانوني متبع في الغالب في الدول الخليجية والأردن والعراق ولبنان. وقد شهد العراق بعد (اتفاقية كامب ديفد) تدفق العمالة المصرية وازداد أعداد العمالة الوافدة الأجنبية ابان الحرب العراقية الإيرانية ١٩٨٠ الى ١٩٨٧. بعض الدول الغى هذا النظام او تم تعديله وسن قوانين لتنظيمه. يحدد العلاقة بين صاحب العمل والعامل الأجنبي. النظام لا يزال ينتقد من قبل المنظمات الدولية وقد قام دولة قطر المثير بتغييره بقانون آخر يمنح العمال الأجانب العاملين في البلاد مرونة أكثر في الحركة والسفر ونقل عقود عملهم إلى جهات عمل أخرى. اما المملكة السعودية فقد قام وزارة الموارد البشرية بإجراء تغيرات على نظام الكفيل وتتضمن النظام الجديد العديد من التعديلات، حيث تم استبعاد بعض المهن من نظام الكفالة في البلاد، ومن بين هذه المهن:

العاملين في إدارة الحسابات و الحاصلين على شهادة في هندسة الطاقة الكهربائية کما العاملين في الإدارة التنفيذية.

کذلك الحاصلين على شهادة الهندسة المدنية. العامين في إدارة المبيعات. العاملين في السكرتارية التنفيذية. العاملين في أعمال المقاولات و الحاصلين على درجة الهندسة في الميكانيكا. بذلك أصبح بإمكان العمالة الوافدة التنقل بحرية بين اماكن العمل المختلفة وعليهم الالتزام بالإجراءات القانونية. استغلال البعض لهذا النظام معروف ولا يمكن مراقبة سلوك البشر خاصة الأشرار منهم والطامعين والذين بفعلهم يقومون باستعباد البشر والعودة الى نظام العبودية والرق الذي الملغاة من قبل الرسالة المحمدية السمحة. المشكلة تكمن عند صاحب العمل الذي يقوم بمصادرة جواز العامل الوافد ويقيد حركته او انتقاله الى مكان اخر للعمل او عند كفيل اخر. وهناك طبعا نماذج لسوء معاملة الكفيل لهم الى درجة العبودية ومصادر حقوقهم الإنسانية. يبقى ان نعلم ان الفقر المنتشر في العديد من الدول يزود قوة عاملة في العديد من دول الخليج في المنطقة وحتى بات العمالة الاجنبية اكبر عددا سكانيا من المواطنين أنفسهم وخاصة في دولة الإمارات التي زرت جميع إماراتها وراعني عدم رؤيتي لمواطني البلد بل كان الجميع من الاجانب. 

تتطلب علاقة عمل مباشرة ووثيقة مثل: سائقي السيارات الخاصة والحراس. وكذلك العمالة المنزلية بما معظم العمالة الوافدة تعمل في اشغال منزلية او في الرعي والفلاحة وهم من دول فقيرة من الهند وسريلانكا والفلبين ونيبال ودول اخرى عربية كمصر وفلسطين والمغرب. 

نظام الكفالة الذي تنظم تواجد العمالة الوافدة ويكون فيها الكفيل فسؤلا من تجديد الإقامة الخاصة بالوافد في مواعيدها المحددة، وفي حالة هروب او ارتكاب الوافد جريمة او اعتداء او سرقة على الكفيل إبلاغ ذلك والتعاون مع الجهات الأمنية وهناك قوانين تنظم ذلك وخاصة هروب الوافد وترحيله الى بلده الأصلي اثناء المخالفات لأنظمة والقوانين المرعية في البلاد. استيراد القوة العاملة كانت من أسباب تقدم الغرب بعد الحرب العالمية الثانية خاصة في المانيا حيث كانت أهوال الحرب كارثية فيها فكان العمال المهاجرون سندا قويا لإعادة الأعمار وجاء عشرات الألوف من العمال من تركيا يسمونهم ب گاست اربايتر (Gastarbeiter) اي العمال الضيوف . كما ان الدول الاسكندينافية قد استورد العمالة من دول البلقان وكانوا يمنحونهم ميزات وعطايا وكان وفود من الموظفين يزورون تلك الدول وعمل دعاية لتحبيب العمل في دولهم. وكان لموجات العمال المهاجرين من دول أوربية ك بلجيكا و مملكة الأراضي المنخفضة (هولندا) الى مملكة السويد مثلا الأثر الأكبر لتطور القطاع الصناعات الخفيفة .

هنا تجدر الإشارة الى ان العمالة الوافدة في الغرب لهم حق التجنس بعد فترة زمنية والاستفادة من جميع حقوق المواطنة في حين نرى بان في دول الشرق يبقى الوافد محتفظا بجنسيته الأصلية حتى أولاده واحفاده ويتحول في بعض الدول الى مجموعة تسمى ب البدون كما هي في دولة الكويت. يبقى الفلسطينيين استثناء لكونهم من ألاجئين اللذين ينتظرون العودة الى وطنهم لذا لا يمنحون جنسية الدول العربية التي يقيمون فيها. ختاما من الطبيعي ان الدول لها الحق في السيطرة على العمالة الوافدة الرسمية من قبل الحكومات وهي مهمة من الناحية الأمنية والاقتصادية والجيد في النظام يتعلق بضمان الحالة الأمنية لمواطنين البلد وضمان امن دولهم.

***

د. توفيق رفيق التونچي

الأندلس ٢٠٢٤

...................

اشارات:

  للمزيد حول قانون الكفيل أرجو زيارة الصفحة الرسمية لوزارة الموارد البشرية السعودي الرسمية.

 

في المثقف اليوم