آراء

علاء اللامي: زواج القاصرات في المذاهب السنية والنجيفي يصطف مع دعاة التعديل!

زواج القاصرات في المذاهب السنية وكيف التقى فقهاء الشيعة مع مفتي السعودي ابن باز على تزويج ذات التسع سنوات: نظريا، لا تختلف المذاهب السنية القائمة اليوم عن المذهب الشيعي "الجعفري" في موضوع تحديد سن البلوغ للفتى والفتاة. ولكن القائمين على أمور الفتيا في المجتمع الفقهي السني في العراق (أعلى مرجعية سنية في العراق) لا يصرون على سِنِّ التاسعة للبنت رغم أنهم يعترفون بأنه حدث في عهد صدر الإسلام. فالشيخ عبد الستار عبد الجبار خطيب جامع أبي حنيفة في بغداد قال في لقاء صحافي: "أن الزواج في سن التاسعة، وإنْ كان قد ورد في عهد النبوة، لكن تلك الزيجات تخضع للعُرف في تلك الفترات، وهو ما لا ينطبق بالضرورة على وقتنا الحاضر" وهذه وجهة نظر منفتحة على العصر تنطوي على روح المعاصرة والاستنارة.

*يرى بعض الفقهاء السنة المعاصرون والقدماء أن "ليس في الشريعة تحديد لسن زواج الرجل أو المرأة، وقد أجمع أهل العلم على جواز تزويج الصغير، وكذا الصغيرة إذا زوجها أبوها من كفء. وقد دلَّ الكتاب والسنة والإجماع على صحة تزويج الصغيرة التي لم تبلغ، وعدم تحديد ذلك بسن معين".

* ووضع بعض الفقهاء السنة شرط إطاقة الجُماع للصغيرة دون أن يوضحوا كيف يمكن أن تتم معرفة ذلك. وقال مالك والشافعي وأبو حنيفة: "حد ذلك أن تطيق الجماع، ويختلف ذلك باختلافهن، ولا يضبط بسن وهذا هو الصحيح، وليس في حديث عائشة تحديد، ولا المنع من ذلك فيمن أطاقته قبل تسع، ولا الإذن فيمن لم تطقه وقد بلغت تسعا/ الرابط 1".

* أما في السعودية ولدى السلفيين المعاصرين السائرين على دربها وحتى لدى الجماعات التكفيرية كالدواعش فالأمر محسوم لمصلحة الداعين إلى زواج الصغيرة القاصر ذات التسع سنوات. ففي سؤال وُجِّهَ إلى الشيخ ابن باز المفتي العام في المملكة العربية السعودية حتى وفاته يقول: ما حكم نظر الشرع في الزواج المبكر؟ وما هو السن المناسب للزواج بالنسبة للفتاة والفتى؟ الرابط 2.

يجيب الشيخ ابن باز: "إن الإنسان متى بلغ الحلم، أصبح عرضة للخطأ، فالمشروع له البدار (المبادرة) إذا استطاع -البدار بالزواج- من حين يبلغ الحلم، إذا بلغ خمسة عشر سنة، فأكثر، وإنَّ بلغ قبل ذلك. المقصود: أنه إذا بلغ ولو بغير الخمسة عشر، وهو يستطيع الزواج، يشرع له المبادرة. وهكذا البنت، إذا بلغت تسعاً فأكثر، إذا تيسر الزواج تزوج، بنت تسع؛ لا حرج، فعائشة تزوجها النبي ﷺ وهي بنت سبع، ودخل بها وهي بنت تسع -رضي الله عنها-، نعم".

وعلى هذا فإن من حق الرافضين لتعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي أن يروِّجوا جوهر موقف الشيخ العراقي عبد الستار عبد الجبار ويدعوا الآخرين من جميع المذاهب الإسلامية إلى الاقتداء بموقفه الإنساني المستنير سيما وأن قوانين غالبية وربما كل الدول العربية المعاصرة تشترط الثامنة عشرة سنا للبلوغ والزواج وتشترط إذن القاضي ما دون ذلك "15 عاما"، أو على الأقل أن يكف دعاة تزويج القاصرات عن الكذب والنفاق ويكونوا صرحاء مثل ابن باز والدواعش وأن يعلنوا أنهم مع تزويج الفتيات في سن البلوغ المحدد في السنة التاسعة "هلالية" أي ثماني سنوات وثمانية أشهر كما تقول فتوى مرجعهم الأعلى السيستاني المرقمة 1069.

ويبقى المطلوب إنسانيا هو الإبقاء على قانون الأحوال الشخصية وطنيا عراقيا وترك موضوع المدونات المذهبية الطائفية الممزِّقة للمجتمع، والعمل على تطوير هذا القانون من قبل متخصصين ومعالجة أية ثغرات قد تكون موجودة بخصوص حضانة أطفال الأزواج المطلقين بما يراعي حق الوالدين كلاهما في الحضانة. أما كتابة مدونات طائفية مذهبية تبيح تزويج الفتيات في التاسعة خارج المحاكم أو داخلها فهو امر مرفوض وبداية دخول العراق كدولة ومجتمع في عهد الهمجية والبربرية الإباحية المهينة للمرأة ولبراءة الطفولة.

النجيفي مع التعديل

الفاسد أثيل النجيفي يصطف مع دعاة تعديل قانون الأحوال الشخصية باتجاه طائفي مذهبي ويدعو المرجعيات السُّنية إلى كتابة مدونة سُنية للأحوال الشخصية بدلا من الاعتراض على التعديل على القانون الحالي! دعا النجيفي - المتهم رسميا بالفساد وغسيل الأموال والمحكوم بثلاث سنوات سجناً من قبل محكمة جنح الرصافة والمتهم أيضا بالتخابر مع دولة مجاورة "تركيا" وتسهيل دخول قواتها الى العراق - إلى مناقشة ما يجب على المجلس العلمي والافتائي في ديوان الوقف السني إدراجه في مدونة الأحكام الشرعية في مسائل الأحوال الشخصية التي سيكلف بإعدادها بعد إقرار تعديل قانون الأحوال الشخصية". وأضاف ان "الاهتمام بإظهار المدونة المذكورة بصورة لائقة ورصينة ومتوافقة مع أحكام المذاهب السنية وكذلك متوافقة مع طبيعة العصر الذي نعيشه أجدى كثيرا من الاعتراض على تعديل، وجميعنا يعلم أنه سيمضي ويقصد أنه سيشرَّع ويقر".

من حق العراقيين أن يتساءلوا لماذا هذا الاستعجال من قبل الفاسد أثيل النجيفي في الاصطفاف مع دعاة تعديل قانون الأحوال الشخصية، وهو يعلم وغيره يعلم بأنه ليس تعديلا بل هو تدمير ونسف للقانون 188، ترى هل وعده الحاكمون بالعفو عنه والسماح له بالعودة إلى حصته من كعكعة الحكم مقابل هذا الموقف بعد أن طُرد منه وتم عزله؟

 هل يريد النجيفي أن يلطخ سمعة رجال الدين العرب السنة ومؤسساتهم الفقهية بعار المشاركة في تدمير قانون الأحوال الشخصية 188 الوطني التقدمي وتشريع مدونات طائفية مذهبية تمزق المجتمع العراقي وتسمح بتزويج القاصرات؟ ولكن ما الغريب حين تأتي هذه الدعوة من شخص يميني رجعي له ثاراته مع ثورة 14 تموز وقانونها للأحوال الشخصية؟ نأمل من الوطنيين والخيرين من ساسة ورجال الدين العراقيين من العرب السنة وغيرهم أن لا يصغوا الى كلام النجيفي ويردوا عليه ردا رادعا يعيده إلى حجمه الحقيقي كفأر طوائف يبحث عن مصالحه الذاتية الجشعة.

***

علاء اللامي

....................

* رابط لتوثيق الخبر في أول تعليق: النجيفي يدعو رجال الدين السُنَّة للتحرك بشأن تعديل الاحوال الشخصية: سيمضي

1-الرابط ليس للنكاح سن معين وبيان المراد بقوله تعالى (حتى إذا بلغوا النكاح)

https://islamqa.info/ar/answers/256830/%D9%84%D9%8A%D8%B3-%D9%84%D9%84%D9%86%D9%83%D8%A7%D8%AD-%D8%B3%D9%86-%D9%85%D8%B9%D9%8A%D9%86-%D9%88%D8%A8%D9%8A%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AF-%D8%A8%D9%82%D9%88%D9%84%D9%87-%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%89-%D8%AD%D8%AA%D9%89-%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D8%A8%D9%84%D8%BA%D9%88%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%83%D8%A7%D8%AD

2-رابط يحيل إلى السؤال الموجه للشيخ ابن باز والجواب عليه: حكم الزواج المبكر وبيان السن المناسب للزواج.

https://binbaz.org.sa/fatwas/14257/%D8%AD%D9%83%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B2%D9%88%D8%A7%D8%AC-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A8%D9%83%D8%B1-%D9%88%D8%A8%D9%8A%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%A7%D8%B3%D8%A8-%D9%84%D9%84%D8%B2%D9%88%D8%A7%D8%AC

3- رابط: النجيفي يدعو رجال الدين السُنَّة للتحرك بشأن تعديل الاحوال الشخصية: سيمضي

https://www.shafaq.com/ar/%D8%B3%DB%8C%D8%A7%D8%B3%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%AC%D9%8A%D9%81%D9%8A-%D9%8A%D8%AF%D8%B9%D9%88-%D8%B1%D8%AC%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B3-%D9%86-%D8%A9-%D9%84%D9%84%D8%AA%D8%AD%D8%B1%D9%83-%D8%A8%D8%B4-%D9%86-%D8%AA%D8%B9%D8%AF%D9%8A%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AD%D9%88%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%AE%D8%B5%D9%8A%D8%A9-%D8%B3%D9%8A%D9%85%D8%B6%D9%8A

في المثقف اليوم