آراء

موسى فرج: تعديل قانون الأحوال الشخصية، الباعث الحقيقي...

لو سألت أي متعلم وليس شرطاً أن يكون مختصاً بالقانون عن مفهومه للقاعدة القانونية ...؟ لقال لك: قاعدة عامة ملزمة مكتوبة تنظم سلوك الأفراد .

ولو سألت أي متعلم وليس شرطاً أن يكون مختصاً بالقانون عن مصادر القانون في العراق لقال لك: التشريع، العرف، الدين، قواعد العدالة، ولذلك نصت المادة الأولى من القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة  1951 المعدل على الآتي:

1. تسري النصوص التشريعية على جميع المسائل التي تتناولها هذه النصوص في لفظها او في فحواها.

2 – فإذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه حكمت المحكمة بمقتضى العرف فإذا لم يوجد فبمقتضى مبادئ الشريعة الاسلامية الاكثر ملائمة لنصوص هذا القانون دون التقيد بمذهب معين فإذا لم يوجد فبمقتضى قواعد العدالة.

3 – وتسترشد المحاكم في كل ذلك بالأحكام التي اقرها القضاء والفقه في العراق ثم في البلاد الاخرى التي تتقارب قوانينها مع القوانين العراقية.

ولو سألت أي متعلم وليس شرطاً أن يكون مختصاً بالقانون السؤال التالي:

لو راجعت أية محكمة في العراق ...الى م يستند القاضي في أحكامه ...؟ القانون أم العرف أم الدين ...؟ لقال لك: قرارات الحكم في المحاكم العراقية تصدر بصيغة تقول: استناداً الى المادة كذا، الفقرة كذا، من قانون كذا...وأحيانا يضاف اليها: بدلالة المادة كذا من قانون كذا ...ولم أقرأ حكم قضائي يقول: تنفيذاً لرأي أبو حنيفة النعمان وبدلالة ما ورد عن الشافعي. فالقاضي ملزم بتطبيق القانون المكتوب والعام والملزم والصادر من جهة تشريعية في البلاد، اما عن قضية الشريعة والعرف فإنما قد تدخل ضمن المصادر التي يستلهم منها المشرع "واضع القانون" رؤيته عند صياغة القاعدة القانونية.

ولو سألت أي متعلم وليس شرطاً أن يكون مختصاً بالقانون السؤال التالي:

ما هو موقف الدستور العراقي الحالي من قضية القانون والدين ...؟ لسارع الى القول:

الدين يعتبر مصدر أساسي للتشريع ولكن ليس المصدر الوحيد. فـ:

1. لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت احكام الاسلام.

2. لا يجوز سن قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية .

3. لا يجوز سن قانون يتعارض مع الحقوق والحريات الاساسية الواردة في هذا الدستور.

ولو سألت أي متعلم وليس شرطاً أن يكون مختصاً بالقانون السؤال التالي:

  قانون الأحوال الشخصية رقم 188 ﻟﺴﻨﺔ 1959 هل كان يشكل خروجاً على الشريعة الإسلامية...؟ لسارع بالقول: ابداً ... فالمادة الأولى منه تنص على:

2. إذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه فيحكم بمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية الأكثر ملائمة لنصوص هذا القانون .

 3. تسترشد المحاكم في كل ذلك بالأحكام التي أقرها القضاء والفقه الإسلامي في العراق وفي البلاد الإسلامية الأخرى التي تتقارب قوانينها من القوانين العراقية .

ولو سألت أي متعلم وليس شرطاً أن يكون مختصاً بالقانون السؤال التالي:

ما سر العداء لقانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959...؟ لقال لك:

هذا القانون محسوب على حقبة عبد الكريم قاسم والقوم يسعون بأيديهم واسنانهم لطمس حقبة عبد الكريم قاسم . ولو سألته ثانية: هل أن قانون الأحول الشخصية النافذ بقي على حاله كما شرع في حقبة عبد الكريم قاسم ...؟ لقال لك: لا ...أبداً فقد تم تعديله أكثر من 16 مره بدءً من السنة التي اغتالوا فيها عبد الكريم قاسم، وإليك التعديلات:

- بموجب القانون رقم 11 لسنة 1963/قانون التعديل الأول.

- بموجب القانون رقم 21 لسنة 1978/قانون التعديل الثاني.

- بموجب القانون رقم 72 لسنة 1979/قانون التعديل الثالث.

- بموجب القانون رقم 57 لسنة 1980/قانون التعديل الرابع.

- بموجب القانون رقم 156 لسنة 1980/قانون التعديل الخامس.

- بموجب القانون رقم 189 لسنة 1980/قانون التعديل السادس.

- بموجب القانون رقم 125 لسنة 1981/قانون التعديل السابع.

- بموجب قرار قيادة الثورة برقم 147 لسنة 1982 .

-بموجب القانون رقم 34 لسنة 1983

-  بموجب  القانون رقم 77 لسنة 1983.

- بموجب قرار لمجلس قيادة الثورة برقم 1357 لسنة 1984.

- بموجب قرار مجلس قيادة مجلس الثورة المرقم 1128 لسنة 1985 .

-بموجب القانون رقم 5 لسنة 1986/قانون التعديل العاشر.

- بموجب القانون رقم 65 لسنة 1986/قانون التعديل الحادي عشر.

-بموجب القانون رقم 51 لسنة 1995/قانون التعديل التاسع.

- بموجب القانون رقم 8 لسنة 1994/قانون التعديل الرابع عشر.

- بموجب القانون رقم 25 لسنة 1994/قانون التعديل الخامس عشر.

-بموجب القانون رقم 19 لسنة 1999/قانون التعديل السادس عشر.

-بموجب القانون رقم 22 لسنة 1999/قانون التعديل السابع عشر.

- بموجب قرار مجلس قيادة الثورة رقم 127 لسنة 1999.

ولو سألت أي متعلم وليس شرطاً أن يكون مختصاً بالقانون السؤال التالي:

هل ان تعديل قانون الأحوال الشخصية الأخير الذي تسبب في ضجة في الأوساط الشعبية وعارضه قانونيون وأطباء وناشطون مدنيون والنساء على نطاق واسع وأيضاً بعض الفقهاء ورجال دين عراقيون معروفون يأتي من الرغبة في استنقاذ المرأة..؟ أم الطفل...؟ أم الأسرة...؟ أم أن الرغبة من وراء ذلك إخلاصاً للدين الحنيف والتزاما بأحكامه ...؟ وهل أن الشريعة الإسلامية مع كامل الإقرار بمكانتها السامية تصلح في وقتنا الراهن أن تكون مصدراً وحيداً وحرفياً للقوانين...؟ لسارع الى القول: لا...لأن قطع يد السارق ورجم الزاني والزانية مع انها ترتبط  بنصوص في القرآن الكريم ولكن عملياً معظم القوانين في الدول الإسلامية لا تعمل بها واستبدلتها بعقوبات بديلة مثل السجن أو الغرامة باستثناء بعض أنظمة الحكم ذات الصبغة الأيديولوجية المتطرفة مثل طالبان، وذلك لا يعني البته بأن أنظمة الحكم في معظم الدول الإسلامية كافرة أو مرتدة عن الإسلام...ثم أن الدين يربي النفس ويأخذ بالنوايا أما القانون فيتعلق بالسلوك ولا يأخذ بالنوايا إنما الأفعال، أمر آخر: هل وجدت قرار حكم صادر من المحاكم العراقية منذ تأسيها يقول: استنادا الى ما جاء بمسند فلان أو صحيح فلان أو رأي فلان من الفقهاء ...؟ أم أنه يقول: استناداً الى ما جاء في المادة رقم كذا من قانون رقم كذا...؟ أما عن مصلحة الزوجة والطفل والأسرة ووحدة المجتمع فإن كل الآراء ذهبت الى ان ما جاء في التعديل الأخير يتناقض معها بشكل صارخ.

السؤال الأخير للمتعلم الذي ليس شرطاً ان يكون مختص بالقانون: إذن ما هو الباعث برأيك ...؟ الجواب هو: تريد الصدكَ لو أبن عمه ...؟ تقول له: بل اريد الصدق. يقول لك: شوف عيني أقولها بضرس قاطع كما يقول فقهاء الدين إن الباعث وراء ذلك هو: جموح ساسة "الشيعة" وليس الشيعة بفرض السطوة على مكونات الشعب العراقي الأخرى من خلال استغلال قضية أن الأغلبية السكانية في العراق شيعية في حين أن ذلك يتعلق بالانتساب وليس بالتبني الأيديولوجي فالمنتسبين للمكون الشيعي من العراقيين منهم المدني ومنهم العلماني ومنهم اليساري ومنهم الشيوعي ومنهم الديمقراطي ومنهم البعثي ومنهم اللاديني ومنهم الماسوني ومنهم البهائي ...ألخ

وفي نفس الوقت يعكس جموحهم لفرض السطوة على المنتسبين للمكون الشيعي من خلال الادعاء زوراً انهم وحدهم من يمثل الشيعة في العراق وكل ذلك محض هراء...

نفس الباعث في تمسكهم بالمكوناتية ونفس الباعث في اصرارهم على تقنين عيد الغدير بعطلة رسمية...وعندما يركلون تركل معهم كل قوانينهم ولكن يبقى ثابت في الأذهان كم التخلف والتزمت والادعاء زوراً التمسك بالدين والإخلاص لعلي وجعفر الصادق عليهما السلام.

***

د. موسى فرج

 

في المثقف اليوم