نصوص أدبية
جاسم الخالدي: امرأتان في مقعدٍ واحد

امرأةٌ
تُحدّث نفسها،
وصوتُ أفكارِها
يعلو في صمتها.
*
ورجلٌ
في آخرِ المقعد،
يُحدّث نفسه عن امرأةٍ
ربما تُشبه تلك التي
تجلسُ في المقعدِ الأول.
*
من الشَّبَه
قد يولد حلمٌ،
أو وهمٌ،
أو قدر.
*
ضحكَ،
ونهضَ من مقعده
كأنَّه ينهضُ
من ماضٍ طويل.
*
جلسَ بجوارها،
لم تلتفتْ إليه،
لكنّ ظلَّها
تمايلَ قليلاً
كأنَّه رحّبَ به.
*
قال في نفسه:
ربما نبدأ من هنا،
حيث يلتقي الكلامُ بالصمت،
والأولُ بالأخير،
والأنا بالمرآة.
*
أخرجَ كتابًا،
قرأَ لها بصوتٍ منخفض:
في البدء كانت امرأةٌ
تُحدّث نفسها...
*
ابتسمت،
وأعادت النظر في نفسها،
كأنَّها تكتشف للمرة الأولى
أنها ليست وحدها.
*
ساد بينهما هدوءٌ
يشبه ارتباكَ الموسيقى
حين تنقطع فجأة.
*
لا يعرفان إن كان ما بينهما
حديثًا مؤجلاً
أم ذكرى
تُصاغ الآن.
*
نظر إليها،
فرأى في عينيها نافذةً
تطلّ على غيابٍ يشبهه.
*
وقالت،
من غير أن تنطق:
هل جئتَ لتبحث عني
أم عنك فيّ؟
*
أراد أن يجيب،
لكنّ الكلمات
لم تسعفه.
*
ترك إصبعه
يمرّ بخفة
على حافة المقعد،
كمن يخطّ بدايةَ سطرٍ
لا يعرف كيف ينتهي.
***
د. جاسم الخالدي