نصوص أدبية

أسامة محمد صالح: حروفٌ على المفهوم تجتمعُ

موتٌ على يدِ من هادوْا لنا شرفٌ

وآخرٌ بيننا بالعارِ مُضْطلِعُ

*

وذا لهُ في نفوسِ العُرْبِ منزلةٌ

وجالبُ العارِ بين العُرْبِ مُبتدَعُ

*

وذا يُعدُّ له طلّاب آخرةٍ

وذاك قلبُ الذي بالزّيفِ يقْتَنِعُ

*

وذا لكلّ بناءٍ دامَ قاعدةٌ

ووهمُ ذاكَ بذكرِ الرّيحِ ينخلِعُ

*

وذا على شفرةِ البتّارِ مسكنُهُ

ومسكنُ العارِ في الأطرافِ مُنتجَعُ

*

وأهلُ ذا يرثون الأرضَ أقدسَها

وعارُ ذاكَ غدًا منها سيُقتلعُ

*

وأهلُ ذا أصلاءٌ في غيابِهمُ

يمتّد ذاك قرىً بالبيعِ ترتفِعُ

*

فإن رآه وضيعُ الأصلِ مرتفعًا

فالدّون دوما لدونٍ جدّ مُجتمعُ

*

حتّى يمدّ يدًا ذو سلطةٍ لهما

والعارُ يا صاحبي بالعارِ مُمتنِعُ

*

سلِ القبورَ جواري عن جنايتِها

تُجبْ: جنايتُها قومٌ بها اقتنعوا

*

رأت حماقتُهم في الصّمتِ راحتَها

والعارُ في غيّهِ بالصّمتِ يندفِعُ

*

وليس ينفعُ أهلَ الصمتِ كُثْرُهُمُ

حتّى إذا العارُ لبّى السُّؤلَ واقترعوا

*

فالعارُ والصّمتُ في دارٍ إن اختلفا

فالعارُ مُنتخبٌ والصّمتُ مُجْتَرِعُ

*

حتّى إذا ما أقامَ العارُ دولتَهُ

يُلغي قوانينَ أسلافٍ ويبتدِعُ

*

والصّمتُ ما انفكّ مبلوًّا بجَبْلَتِهِ

يناوشُ العارَ همْسًا ثمّ يرتدِعُ

*

يقلّبُ الحرفَ من قبلِ استعارتِه

يزيدُ حرفًا بسطْرِ ثمّ يقتطِعُ

*

تعجّبَ الصمتُ منهُ من تطاولِه

على دمٍ سالَ نهرًا وهْو ينْتجِعُ

*

فيدركُ العارُ أنّ الصمتَ قابلُهُ

حُكْمًا وعن طقسِه يومينِ يَنْقطِعُ

*

مبيّنًا في بيانٍ أنّها فئةٌ

شذّتْ وأنّ انحرافاتٍ كذا تقَعُ!

*

ويُصدِرُ الأمرَ للأنصارِ في جُمَعٍ

أنْ غالبوهم بحُلْمٍ شيخُه الورعُ

*

ويُصدِرُ الأمرَ للتجّارِ في مدُنٍ

أنْ حاصروهم ببيعٍ صهرُه الجشِعُ

*

ويُصدِرُ الأمرَ للفتيانِ في عُطَلٍ

أنْ ناوشوهم بسبتٍ شبلُه الخرعُ

*

ويطلبُ العارُ منه حين حجّهمُ

أنْ لا كلامَ ونارُ القدس تندلعُ

*

والصّمتُ ممتدِحًا للعار فطنتَهُ

بها على فاجعاتِ الدّهرِ مُطّلعُ

*

ويعلن الصّمتُ أنّ العارَ مُتّبعُ

ويعلنُ العارُ أنّ الصّمتَ مُستَمَعُ

*

فيُصبحان معًا لا فرقَ بينهما

سوى حروفٍ على المفهومِ تجتمِعُ

*

والناسُ أميلُ لاسْمِ العارِ إن وصفَتْ

صمتًا بأوصافِ عارٍ سادَ ينطبِعُ

*

فلا تعُلِّلْ أخي بالجوْرِ صمتَك في

مثوىً بهِ أنت طبّالٌ ومُسْتمِعُ

*

فصمتكَ العارُ مهما سُقتَ من حُجَجٍ

وعادةُ الصّمتِ أن يحتجّ إذ يقَعُ

*

والصمتُ ما دامَ أجرى عارُه غدَهُ

يُنهيه إن لم يعدْ بالصّمت ينتفِعُ

*

كي يستحيل هراءّ جلّ غايتِه

من ارتدى شرفًا باللُّسنِ يُصطَنعُ

*

فهاجسُ العارِ عبرَ الدّهرِ صالحُهُ

حتّى إذا أقسمَ الخُدّامُ والتَّبَعُ

*

فلا اندهاشَ إذا يومًا فُجِئْتَ به

فيما ابتنى مسجدًا لله يَنْقَطِعُ

*

والعارُ يُمسي بأيدي صمتِهِ غدُهُ

لو من جبلِّتِهِ ذا الصّمتُ ينخلعُ

*

هذا وما خاب من للدّهرِ يستمعُ:

قد خاب سعيُ الذي بالصّمتِ يمتنعُ

***

أسامة محمد صالح زامل

 

في نصوص اليوم