نصوص أدبية

جاسم الخالدي: ظلُّ أبٍ

أمس،

دخلتُ البيتَ

دون أن يشعر بي أحدٌ.

*

زوجتي

في المطبخ،

تقطعُ أوراقَ العنبِ

لتُعدّ لنا طبقَ الدولمة.

*

وأولادي،

كلٌّ في غرفته،

مستلقٍ على سريره،

يشاهد لعبته المفضلة

وهدافه المفضل.

*

أما أنا،

فقد كنتُ حريصًا

ألا يشعروا بي،

فلديّ ما يشغلني عنهم.

*

مررتُ بهدوء

إلى غرفة الجلوس،

وضعتُ مفاتيحي

على الطاولة الصغيرة،

وجلستُ

كما أفعل كلَّ يوم،

لكن شيئًا ما

في هذا اليوم

كان مختلفًا.

*

صوتٌ في رأسي

يعدّ الخطوات

من الباب

إلى المجهول.

*

ظلي

أثقل من جسدي،

وأنفاسي

تجرُّ معها

خوفًا لا اسم له.

*

لم أكن أبحث عن شيء،

كنت فقط

أهرب من كل شيء.

*

الساعة

تتحرك ببطء،

والأصوات

تبدو بعيدة،

كأنني

في بيتٍ لا أعرفه

إلا من الذكريات.

*

لم يأتِ أحدٌ ليسألني:

هل عدت؟

هل أنت بخير؟

كأن عودتي

تفصيل لا يهم.

*

تمنيتُ

أن أعود شخصًا آخر،

أقلّ صمتًا،

أكثر وضوحًا،

لكنّي

كنت أنا.

*

والبيت،

كما هو،

ساكنٌ،

يمتلئ بما لا يُقال.

*

جئتُ محمّلًا

بأسئلةٍ لا تُطرح،

وبصمتٍ

أخشى أن ينفجر

في وجه الطمأنينة.

*

هل أقول لهم؟

أم أكتفي

بمراقبة الحياة

تمرّ أمامي،

كأنني ظلُّ أبٍ

عاد من زمنٍ آخر

لا يعرف

كيف يُحضنُ من جديد؟

***

د. جاسم الخالدي

 

في نصوص اليوم