نصوص أدبية

مريم عبد الجواد: أنا التي لا تعرفها

أجلس مع قهوتي على السّطح، أدخّن سيجارة وأسخر من تقديسك للتقاليد..

تحترق السيجارة بين شفتاي وأحترق أنا على أعتابك..كلانا سننطفئ في النهاية دون أن يلحظنا أحد..

أنا وسيجارتي يائستان، هي تعلم أنّها ستتلاشى لا محالة وأنا أعلم أنّك لن تعود..

أراقب المارّة بعين ساخطة وألومهم على ما فعلت..

أكره الجميع إلا أنت، أنت الّذي عليّ أن أمقت لكنّك أكثر من أحبّ..

أسحب نفسا عميقا من السّيجارة وأنا أتذكّر تعاليمك وخوفك أن تفسد القهوة قلبي لكنّك أنت من أفسدته في النّهاية، أو ربّما أنا من فعلت ذلك.

تكره القهوة وتخبرني إنّ السهر سيرهق عيناي

لكنّ اللّيل هو من يعانق قلبي الآن بينما تواسيني القهوة في غيابك..

أنا لا أصلح لك حبيبة يا عزيزي

لكنّني أحبّك رغم ذلك..

لا شأن لك برئتاي ولا بقلبي.

نسيت كم مضى من الوقت وأنا أراقب شجرة ضخمة على الجانب الآخر من الطّريق، كم أحبّ الأشجار لكنّك لا تعلم هذا..أنت لا تؤمن بقدرتي على الحبّ حتّى..

خلال محاولاتي لقتل آخر نجم يهمس بالأمل في سماء ليلتي الوحيدة، مرّت فتاة لا أظنّ أنّها كانت ستلفت انتباهي في المعتاد

لكنّها بدت من تلك العاديّات الّتي تفضّل..

ترتدي فستانا مزيّنا بالورود وحقيبة عصريّة، تبتسم بحياء وهي تبالغ في تسوية حجابها..

كانت ترتدي ساعة أنيقة في معصمها

أنا لا أحبّ ارتداء السّاعات فهي تذكّرني بالوقت

و لكن دعك منّي ولنعد الى فتاتك..

هي جميلة وكلّ تفاصيلها توحي بالنّظام والاستقامة.. تضع أحمر شفاه وردي وتبدو تفاصيلها متناسقة..

فكّرت لو أنّني كذلك ربّما كنت سأتقبّل حبّك،

لو كنت واثقة، مطمئنّة، لو كان لي عقل هادئ ،

لو أنّني أعرف كيف أحبّ وأعرف ما أريد..

لكنّني لست كما تعتقد

شخص مثلك لا يمكن أن يحتمل جنوني.

أنا فوضوية جدّا، أرتدي السّواد في معظم الأيّام وأزيّن عيناي بكحل أسود ثم أسطّرهما بالسّواد من جديد.. أضع أحمر شفاه صارخ في أغلب الأوقات وأجعل من ذلك الحلق الّذي تكره زينة لأنفي..

أنا هكذا يا عزيزي أقع في حبّ الأشياء المبعثرة وأحرق معابد الأسوياء. إلى أن أحببتك.

كلانا من عالم مختلف وكلانا عاد إلى عالمه الآن، أو ربّما منذ سنة

أنت نسيت فكرة وجودي ومضيت في سعادتك مع شخص رأى فكرة حبّك مغرية بدل أن يرتعد منها، شخص يجد في اهتمامك نشوة لذيذة ولا يختنق بين ذراعيك..

و أنا هنا أشتاق لشخصك الّذي أحبّني وأرفض كلّ فرصة متاحة..

لا أريد أحدا، ولا حتّى أنت.

أنا فتاة لن تسعد بحبّك رغم إنّه كلّ ما تريد..فتاة باتت تعلم أنّ لها قلبا خلقته أنت من رحم الذّنب ثمّ مضيت..

قلب بات الآن كلّ ما أملك.1438 marim

بقلم مريم عبد الجواد

في نصوص اليوم