نصوص أدبية
جاسم الخالدي: قبلة على رأس الكابوس

بعد أن تنام الطيور،
تفردُ الكوابيسُ أجنحتَها
وتحلّق...
هي وحدها
تظلُّ سميري
في ليلةِ الوحشة.
*
أما أحلامي،
فتحلّقُ عالياً...
وحين تلتفتُ إليَّ،
تطبعُ قبلةً حانيةً
على رأسِ تلك الكوابيس،
عرفاناً بعنائها الطويل.
*
في عمقِ الظلمةِ،
تُبصرُ الأحلامُ ما لا نراهُ؛
تُدركُ أن وخزَ الكابوسِ
هو ما يمنحُ الطمأنينةَ معناها.
أو ربما هي، أحلامي،
تخشى على الكوابيسِ من البردِ،
فتمنحُها دفءَ القُبلاتِ،
كي لا تتجمّدَ وحيدةً
في صقيعِ الذاكرةِ والليل.
*
وهكذا تمضي ساعاتي،
بين سُمّارٍ من رعبٍ وأمل،
أراقبُ عناقَ الضدّينِ،
وأتساءلُ:
أيُّهما أنا... وأيُّهما خيالي؟
*
وقبلَ أن يغزلَ الفجرُ خيطَهُ الأول،
تنسحبُ الأشباحُ خجلى،
تاركةً خلفَها وشماً خفيّاً
على جدارِ الروحِ..
*
أستيقظُ... لا أدري،
هل كانت قُبلةُ الحلمِ عزاءً،
أم أن عناقَ الكابوسِ كان أصدق؟
*
ففي صحراءِ الوحشةِ، يا قلبي،
قد يصبحُ الوهمُ مؤنساً،
وقد يكونُ الألمُ نفسهُ...
دليلاً على أننا ما زلنا نحيا.
*
ولعلّ في هذه الندوبِ الخفية،
على جدارِ الروحِ،
ما ليسَ مجردَ آثارٍ للعذاب،
بل إشاراتٌ، خريطةٌ سرية،
ترشدُني إن تهتُ،
في الليالي التي لا قمرَ فيها.
*
فالكابوسُ، يا قلبي،
ليسَ دائماً عدوّاً،
بل قد يكونُ ظلَّ الحلمِ
حين يخشى أن يواجهَ الضوءَ وحده.
*
وبين الحلمِ والكابوس،
ينبضُ هذا القلبُ
كطفلٍ لا يعرفُ النوم،
لكنه يعرفُ كيفَ يصادقُ الخوفَ
ويغفو على كتفِه...
*
هكذا،
يمضي الليلُ بي
لا مستيقظٌ،
ولا نائمٌ،
أحيا في البرزخِ
بينَ يقينٍ يُوجِع،
وخيالٍ يُضمِّد.
***
د. جاسم الخالدي - بغداد
١٠/ ٤/ ٢٠٢٥م