نصوص أدبية

جواد المدني: انشودة الفصح.. والغياب

عِندَ مائِدَةِ "الفِصْحِ المَجيدِ"،

أُفَتِّشُ بَيْنَ أَطْباقِ الألَمِ عن زَمَنٍ لَنْ يَعودَ…

لَمْ أَعُدْ أُطِيقُ لَمْلَمَةَ حَنيني

بَعْدَ عَبَثِ الأُمْنِيّاتِ.

*

ها أنا ذا ..

أَتَوَسَّلُ بِكُلِّ الأَنْبِياءِ، وَبِتَرَاتِيلِ القُدِّيسين،

بِـ يَسوعَ "المُخَلِّصِ"…

لَيْتَني أَغيبُ في جِراحِ كَفَّيْكَ،

أَيُّها الرّاحِلُ نَحْوَ السَّماءِ…

إليك ..إِكْليلُ أَشْواكِ هَزيمَتي،

هل أُصْلَبُ عَلى جِذْعِ وَحدَتي؟!

*

سَأُقيمُ عِندَ قَدَمَيْكَ المُضَرَّجَتَيْنِ بِالدِّماءِ،

حَتّى تَذوبَ بَلُّوراتُ الثَّلْجِ،

وَتَنْطَفِئَ شُموعُ الأَيْقوناتِ،

وَتَجِفَّ دُموعُ المَحرُومينَ…

*

يا سَيِّدي، أَيُّها المُسافِرُ نَحْوَ الخُلودِ،

خُذْ قَلْبيَ النّابِضَ بِحُروفِ اسمِها،

وَأَعْطِني الشَّوكَ وَالقُيودَ…

ما زِلْتُ أُفَتِّشُ عَنْها بَيْنَ ذَوائِبِ الشَّمْسِ،

وَتَحْتَ دَوائِرِ الماءِ…

يَأْتيني نِداءُكَ مَعَ الأنينِ:

“اِحْمِلْ عَذاباتِكَ عَلى ظَهْرِكَ،

ثُمَّ تَأَمَّلْ طَيْفَها تَحْتَ أَيْقُونَةِ "الفِصْحِ المَجيدِ".

*

أُحَثُّ السَّيْرَ بِما تَبَقّى لي مِن أَشْلاءٍ،

يُرافِقُني صَوْتُها أَرَقُّ مِن تَرْنيمَةِ مَلاك،

يَنْثُرُ بِالكَلِماتِ لَحْنًا فَوْقَ جِراحاتي،

مِثْلَ إِكْسيرٍ تُطِيبُ لَهُ الذِّكْرَياتُ…

*

أَتَعَلَّقُ بِأَسْتارِ طَيْفِها، عُرْيانًا مِن يَأسي،

وَأَدورُ حَوْلَهُ كَالصُّوفيِّ، مُعْتَمِرًا خَوْفي…

أُحَلِّقُ فَوْقَ واحَةِ الأُمْنِيّاتِ،

أُخَبِّئُ بَعْضَ أَحْلامي بَيْنَ خُصْلاتِ شَعْرِها،

وَبَعْضًا بَيْنَ رُكامِ المُشْتَهى…

فَيَصْعَقُني الوَهْمُ، وَيَرْميني،

مُقَيَّدًا بِحِبالٍ مِن صَبْرٍ،

في صَحْراءٍ أَضَعْتُ بَيْنَ رِمالِها اسْمي .

***

جواد المدني

 

في نصوص اليوم