نصوص أدبية
خاشع رشيد: هذه المرّة.. فقط

أخذ من كلّ سنوات الغربة، ومن نفسه، وأخذ في سؤاله إلى مقارنة بعيدة. لم يتوقّع، من قبل، أن تأخذه مخيّلته في فلسفة كلّ ما هو مبالغ وغير جائز، وإلى ما يستحقّ الممنوع بالمطلق، بل ويعترض أدقّ قواعده، ويقفز من فوق الأعمار وإلى مسافات لن تتحدّد إلا حين سيودّع كلّ لحظةٍ تلامس نوعاً من الحنان الذاتيّ، لكن أن تنجح في تقسيمه ومن ثمّ تذويبه في نقطة تراجعٍ وهروبِ ليست في الحسبان، هذا ما يدفعه إلى ما هو متعوّد أن لا يفعله، أينما يكون.
لا يفعل، لا يفعل بجدارة، وبوقاحة... لا يصبح تاجراً، وطبعاً لا يصبح عميلاً... لا يصبح إلا نفسه.
يتقاطع صديقه في تعاسة حظه أينما كان، لا يفارق مكان إبداله بسلالة مشتركة بينهما، ينتظر ضحكة فجائية منه قد تُنسيه ما يُبكيه منذ زمن غير مقاس. لا هو يلملم، ولا هو. لا هو يناسب تلك اللحظات، ولا هو. يبصق في وجهته وجهاته، ويتحدّث عن وصايا توأمه.
أنت تمزح، تمزح قليلا.. ربما أنت كاذب، مهرّج.. أي أنت سياسي.
لم أقل ذلك كي تصدّقني. أعلم جيّداً، أعرف ذلك الضعف الذي يلازمك في هذا. لا تحاول، ليس كلّ شخص عليه أن يجرّب، ليس لك في ذلك الحيّز أثر.
لن تصل إلى حيث يجب أن تكون، هكذا، دون تناسب، هذا ما يدعى بمقياس الحذر في الوعي، ترابط من ماض مهمّش، أصبح مقبرة ذكريات يزورها كلّ منكم، بدوافع تحدُّ من عودة مكتملة. لا تحزن، فأنا لم أستخدم إلا منكم، ولم أجزم أي زمن إلا بكم.
أنا أحب كلّ شيء، أنا أخاف كلّ شيء كبير، وأخاف البحار، الصحارى، الجبال، الأبراج، الآبار، المسافات البعيدة... أخاف الأعماق، الأفكار، النظرات، الخيالات، الأرواح... أخاف العوالم دون ذرّية، وعالمك وعالمي، أخاف كل العوالم، وأخاف كلّ الأبعاد... أخاف الكلمات وأخاف السماء.
أنا أكره التجارة... وأكره المُباع.
لا تنس... فأنا لا أنسى أنني من تراكبيّة " أنتم ".. بفوارق.
دعنا نعود إن استطعنا، نعود حين يسقط أمامك ما لا يفاجئك، كهذه. احذر، احذر الزمن، أينما كنت. لن يكون من الأمان أن تنظر إلى ظلّك حين لا يستطيع نقل حدثٍ ماض، حتى لو كان مهملاً.
كانا معاً وقت بثّ الخبر في إحدى القنوات، كانت من اللواتي ترسّخن في ذاكرته كعظيمات.. كانت الأكثر عهراً في المدرسة. ردّد بصوت خافت: إنها إحدى بناته، بالتأكيد.
بدأت تقرصه وتدغدغه وتعضه... وأنا ألست ابنته؟
كان ذلك في إحدى أمسيات سرقة عاطفيّة اجتاحته من خلال إعاقة فكريّة حلّت عليه في أول لحظات نومه.. أنهي هذه الفقرة بهما.
معنى بعض ما سبق أو إنهاء ما سبق بنتائج، منها:
القوّة هي لغة الحياة الوحيدة.
***
بقلم خاشع رشيد