نصوص أدبية

محمد محضار: قيود الحلم

قيدت أحلامي

وانحدرت بهدوء نحو سروة الأمل

رتبت أوراق اعتمادي

وأعلنت عن ثورة "قرنفل" تخصّني

ثم مددت خيوط تاريخ ميلادي

ونسجت فكرة رئيسية

ورديفة لها فرعية

ثم كتبت على جدران المدينة

رسائل مشفّرة ووصايا لسعاة البريد

والحمام الزاجل والفراش الهائم

ارتديت جبة التُّقاة

وسعيت بين أطلال الذكرى

ومرابع العشيرة

سألت عن صناجة القبيلة

وساداتها

سألت عن العمائر والأفخاذ والبطون

وعن سَرابٍ ناقة البسوس

*

دلّونِي على طريق طويل

بمسالك شائكة ومنعرجات ملتوية

مسّني عبير الدهشة

شهقت مرة بل مرتين

ومشيت واثق الخطى

أعانق شرارة الشوق

مشيت سَادر البال

أداهن مرارة الخوف

أدركت المرج والغذير

سمعت رغاء البعير

وحوافر خيل تصلصل

وأنين الناي يبث ذبذبات الانتشاء في الشرايين

تلوت دعاء السفر

صافحت بنات الدّهر

وسألتهن عن القوم

وعن نوق النعمان بن المنذر

وعن عنترة العبسي

وعن أيام الله كيف تمضي؟

وعن تلاحق التواريخ وتداخل الأحداث

في ذهني

وعن تناسل الشماريخ  وتدافع الأوصاب

في ذاتي

ردّت عليّ الرّيح نافخة في الصّور

وأومض البرق ناثرا فلذات النور

وقال رجل جاء من أقصى المدينة:

" من هنا مرّتَ، قوافل كثيرة تجْتَرُّ أوهام الحقيقة

تركتْ خلفها أثراً وبقايا حياة، وقصائد غزل و حماسة

وحديث مشاعر وعاطفة ومعالم حروب طاحنة وأشلاء قتلى

وركام يأس ودموع ثكلى وحقولا جرداء حزينة."

2

تتعثر خطايَ

ينقلبُ إليّ البصر خاسئا وهو حَسير

أنادي: «إلهي، اكشف عَنِّي غَشاوة التيه"

تُحَرّك ريح الصَّبا في قلبي جدوة الصِّبا

امتطي صهوة غمامة  عذراء

أسترد إحساسي بالعنفوان

تولدُ في كَفِّي أكمام ورد بعبير الربيع

أطلب الصفح من قبرات المساء

وأعلن توبتي في حضرة غجرية سمراء

أغسل ندمي بأمطار آذار

وأفتح صندوق العجائب

تقفز إلى أسماعي أنغام قيثارة حزينة

ينفجر ينبوع الشوق أمواجا ثائرة

أعود أدراجي إلى أحضان الأطلس

باشا يقابلني توبقال

باسمة تعانقني غابات الأرز

وعند أقدام المحيط تُغَنِّي موجة بكر

للحب

للصبايا الحالمات بفارس الأحلام

لأنسام عابرة للقارات

لخُطى نِسوة يطلقن زغاريدَ مصادقا عليها

لابتسامات أطفالٍ يبنون قصورا من الرمل

3

أمتطي صهوة البراق

أعانق الرباب

أطل على حدائق التفاحات الذهبية

عند المتوسط هرقل يبتسم

وقد شق سيفه البوغاز

أنين الاصفرار يلوح في عيني أنتايوس

وهو يحتسي كأسَ الهزيمة

قد مرغ هرقل أنفته بالتراب

وسرق  منه طِنْجة

أتنفس بحرية ، أعب هواء البحرين

هنا يلتقيان بينهما وِدٌّ وعِشَرَهْ

وحديث شجي عن سحر الضفة الأخرى

عن طارق الذي كتب تاريخا ومضى

عن أزمنة تضج بصراخ العبث

عن تجاذب مثير للجدل بين الشمس والقمر

***

محمد محضار

27 يوليوز 2024

 

في نصوص اليوم