نصوص أدبية
جميل حسين الساعدي: رسالة الى القمر
أنا قد مللتُ من الرتابةِ ياقمــــرْ
إنّي أريدُ بأن أعيشَ معَ البشرْ
*
الناسُ في هذا المكانِ دمىً فهُمْ
مثل الذينَ مضوا وناموا في الحُفرْ
*
كلماتُهُمْ مثلُ الحصى نظراتُهمْ
ليستْ تُطاقُ كأنّها وخْزُ الأبرْ
*
أنا قد جمعتُ حقائبي وحزمتُها
مُذْ أمسِ إنّي قد عزمتُ على السَفَرْ
*
في هذهِ الأرضِ اليبابِ تعثّرتْ
كلُّ الأماني ليسَ فيها مُسْتَقَرْ
*
صلّيتُ فيها مِنْ زمانٍ داعيا
أن لا تعيشَ بلا حياةٍ كالحجَرْ
*
أنْ تستفيقَ على ربيعٍ باسمٍ
أنْ لا تظلَّ بلا زهورٍ أوْ شَجَرْ
*
أنْ تنزلَ الأمطارُ في صحرائها
ويزورها قَطْرُ الندى وقت السَحَرْ
*
لكـــــــــــنَّ آمالي التي أمّلتُها
خابتْ كأدعيتي وما نزلَ المطرْ
*
كــــــــمْ من بلادٍ قبلها ودّعتُها
لمّــــــا تحجّرَ في مدائنها البَشَر
*
حانَ الرحيلُ ولنْ أعودَ إلى هنا
فلقدْ سئمتُ وكادَ يقتُلني الضَجَرْ
*
مِنْ أجْلِ حُبٍّ قدْ بقيتُ هنا وقدْ
ولّى كما ولّى السرابُ فلا أَثرْ
*
أنا راحلٌ أبغي مكانا آخرا
أنا لستُ أنسبُ كلَّ شئ للقَدرْ
*
قدْ كانَ لي وطنٌ جميلٌ حاولوا
أنْ يمحقوهُ بحقدهم جُنْد التترْ
*
ولكم قسى فيهِ الطغاةُ فلم يَمُتْ
رحَلَ الطغاةُ مع الغزاةِ وما اندثَرْ
*
فيهِ زرعتُ الحُبَّ حتّى أينعتْ
أزهارُهُ وتبسّمتْ بين الحَجَرْ
*
ما زالَ لي فيــــــــهِ هنــــــاكَ أحبّةٌ
يتلونَ شعري في الأصيلِ وفي السَحَرْ
*
لا حالَ تبقى مثلَ ما هيَ فالسما
تصحو ويرحلُ غيمُها بعد المطرْ
*
ولسوفَ يجمعنا مســــــاءٌ هـــادئٌ
أنـــا والحبيبة تحت ضوئك يا قمـر
***
جميل حسين الساعدي