نصوص أدبية
صادق السامرائي: بريد الدهر!!
بَريدُ الدَهْرِ منْ بَلدي أتانا
رَسائلهُ تُحرّرُها رؤانا
*
سَفينةُ خَلقها مَخَرتْ عِباباً
مُباركةً مُجدّدةً كِيانا
*
بلادُ الكوْنِ مِنْ ماءٍ تَنامَتْ
ومِنْ طينٍ لصانِعهِ اسْتكانا
*
رؤوسٌ عَنْ أيادٍ ما اسْتعاضَتْ
تُعالجُ مِحْنةً وَرَدَتْ مَكانا
*
بها دُررٌ مِنَ الألواحِ دامَتْ
تُحدّثنا بما فَعَلتْ قِوانا
*
سَلامٌ يا فؤادَ الروحِ مِنّا
نُحَمِلهُ التَحايا والأمانا
*
فهلْ سَرقَ التليدَ بها غَريبٌ
وهلْ تاهَتْ برَمْضاءٍ خُطانا
*
وحبلُ الوصلِ مقطوعٌ بحَيفٍ
كأنّ وجودَنا حُلمٌ تَفانى
*
وما خُلِقتْ حَضاراتٌ ومَجْدٌ
وأيّامٌ بها زمَنٌ رَعانا
*
إليها يا رُبى الأمْجاد إنّا
سَنُعليَ صَرْحَها عَلماً مُصانا
*
بفَجْرٍ عاشَ للتأريخِ نبْضاً
تَيقّظَ كلنا وغَفى سِوانا
*
أصيلٌ مِنْ بديعاتِ المَعاني
يُسطّرُ خالداً وبَنى عُلانا
*
عُبَيْدٌ قَبْلها إنّا سُرِرْنا
بأمّ السامِقاتِ على رُبانا
*
مَعالِمُها بها الدُنيا تَباهَتْ
برَوْعَتِها إذا بَرَزتْ تَرانا
*
تُحَدّثنا مَواطِنُها بفَخْرٍ
وتَمْنَحُنا مِنَ العلياءِ شانا
*
بها قومٌ تَسامَتْ في سَماءٍ
وأطعَمَها التَعزّزُ افْتِتانا
*
تَباريحٌ إذا وفدَتْ تلاحَتْ
وعانَتْ في مَرابعِها امْتهانا
*
ألا رَفضَتْ عيونُ المَجْدِ غَمْضاً
تُحدّقُ عاليا لترى العَنانا
*
عراقٌ قائدُ الدُنيا لنورٍ
بقانونٍ ومَدرسةٍ حَدانا
*
وتَدْوينٍ يُسطّرُ ما فَعلنا
فيمْنحُنا التعلمُ مُهْتدانا
*
على طرُقٍ إلى العلياءِ سِرْنا
وإنّ بَعيدَها مِنّا تَدانى
*
إذا اعْتصَمَتْ قلوبُ القومِ فيها
بحَبلِ الوَصْلِ أبْهَرتِ الزَمانا
*
بلادُ العُربِ يا وطنَ انْبثاقٍ
وإنْسانٍ يُبادلها امْتنانا
*
ظلالٌ في كهوفِ الصَمْتِ شادَتْ
عَوالمَ رؤيةٍ دَحَضَتْ مُدانا
*
بَلغنا ذروةَ الأكوانِ عِلماً
بأبْراجٍ تباركُ إقترانا
*
على قِمَمٍ من الإشراقِ كنا
بأرْواحٍ تُساقيها دِمانا
*
وطفنا قرب مَحفوفٍ بإلاّ
بُراقُ وجودِنا أبْدى سِمانا
*
ودُمْنا فوقَ إشراقٍ تَسامى
بإيمانٍ يُبادلنا ضمانا
*
فخُذْ رُسلاً رسائلهمْ وصايا
إلى أبَدٍ وما بَصَرَتْ أوانا
*
تِلالُ مَسيرةٍ فيها كنوزٌ
تَلائدُ نَهْضَةٍ سَبَقتْ صِوانا
***
د. صادق السامرائي