نصوص أدبية
لمى ابوالنجا: المقبوض عليهن
الجزء (5) من: مناوشات عاطفية
الثلاثاء الساعة الواحدة فجراً استيقظت على إشعار البلاك بيري بصعوبة فتحت عيني لأرى من المرسل وجدت رسالة من صديقتي "تعالي بكرة الجامعة اركبي باص الساعة ٦:٣٠ وهاتي معاك عبايتين وحدة كشخة ووحدة معفنة" اختتمت الرسالة المبهمة بغمزة لم أفهم ماذا تنوي إليه ولماذا تريد مني الحضور وهي تعلم أن يوم الأربعاء هو يوم إجازتي الخاصة فقد تحملت حشر المواد والمحاضرات ببعضها حتى أحظى بنهاية أسبوع مطولة، عاودت النوم ثم نهضت الساعة الخامسة جهزت نفسي للخروج ووضعت العباية الفاخرة في الحقيبة كما طلبت مني، اتصلت بسائق الباص لأخبره أن يمر علي والذي أخذ يستجوبني حول أسباب التغيير المفاجيء في جدولي ولماذا لم أخبره منذ الليلة الماضية وكلما أجبته يتثائب ويطلب مني الإعادة ثم قال: "اليوم مفروض إني إجازة والمسؤول عن الرحلات هو وقاص وأعرف انه يكرهك لكن راح أداوم عشان خاطرك "
ركبت الباص في المقعد الأمامي خلف السائق والذي كان يفصلنا عنه ستائر رمادية سميكة مد يده وناولني سي دي لتشغيله على الشاشة الصغيرة، أطفأ التكييف للحظات حتى يصل صوته للجميع وقال:"عادي نشغل أغاني يا بنات؟" لم ينتظر الرد وقال لي شغليه لسبب غامض كان هذا الشخص يتعامل معي وكأني المتحدث الرسمي بإسمه، يستقبلني عند بداية موقف الباصات ويزفني مشياً حتى نصل للباص الأخير والذي أشعر أنه يتعمد إيقافه في هذا المكان يعرض علي كل مرة حمل حقيبتي وأرفض وأتحمل تعليقات البنات ومزحاتهن البغيضة !كان السي دي عبارة عن مجموعة من فيديوكليب نانسي عجرم وإليسا وأنغام وفضل شاكر وكان هو الوحيد الطربان عليها في هذا الصباح، شركة نقل الطالبات هذه كانت الوحيدة التي توفر خدمات جيده للطالبات منها توفير عصائر ومياه باردة لكل رحلة ووجبات خفيفة ووجبة بيتزا أو برجر مره واحده في الأسبوع بالإضافة إلى تشغيل الأغاني أو مسلسل أو فيلم من إختيار البنات، كثيراً ماكنت أتفاخر بمظاهر الترف عند صديقاتي وبخدمات شركتنا.
وصلت الجامعة بعد رحلة ساعة صعدت الطابق الثاني وتوجهت لنقطة تجمعنا "الفرشة" استقبلتني صديقتي مرتسمه على وجهها ضحكة غريبة سحبتني من يدي لأجلس كان في منتصف الفرشة جبل صغير من الماكياج وأقلام الحمرة المتناثرة بكل مكان وثمانية بنات يضعن مكياج على عجل كمن يستعد للخروج من منزله قبل مصيبة أو مداهمة قادمة لا محالة تمسك إحداهن بالمرآه تضع كحلاً لتسحبه أخرى من يدها تلفت عليها لتلطشها وتطلق الأخرى ضحكة نجحن بقية الشلة بإيقافها قبل أن نسحب جميعنا لمكتب شؤون الطالبات
فتحت صديقتي حقيبتي وأخرجت شنطة الماكياج ونثرتها فوق تلك الفوضى لم أرتاح للموقف لأنه يخالف قواعد النظافة والاتيكيت الخاصة بي والتي على مايبدو أني سأنساها مع تلك الشلة كنت قد اشتريت قلم حمرة وملمع شفاه جديد لفت نظر الجميع واقتتلن عليه جميعهن ثم بعد هذه المناوشات انتهينا أخيراً وخرجنا بنفس لون الحمرة نفس الملمع نفس رائحة العطر، كل ذلك وأنا لم أعلم إلى أين نتجه ولم كل ذلك؟ همست لي إحداهن في أذني:"خارجين كافيه شششش لاتقولي لأحد" نظرت إليها بحالة ذهول وهي ممسكة المسبحة بيدها وتستغفر .
قالت صديقتي: "لابد أن نفترق وكل إثنتين منا يخرجوا من بوابة ويركبوا تاكسي لاتنسو تغطوا وجوهكم وخذو العبايات الحلوة بالشنطة نلبسها بالكافيه" ضحكت ثم أضافت "حاولوا تكون أشكالكم تسد النفس وماتلفت نظر اي عفريت"
سألت أنا بكل عفوية لماذا علينا أن نقوم بكل هذه الإحترازات؟
قالت: "مجنونة انتِ؟ الهيئة لو مسكونا في الكافيه ياخذونا القسم وكل بنت يجي ابوها يستلمها بالإضافة الى ان إسمك راح يشرف في اللائحة السوداء في شؤون الطالبات"
شعرت بكمية رعب غير عادية لكن مسألة التراجع خاصة بعد التقسيمات العسكرية التي رتبنها البنات كانت شبه مستحيلة، خرجنا من البوابة بسلام وركبنا تاكسي وأوصلنا إلى الكافيه وهناك بدأ الرعب الحقيقي
يتبع
***
لمى ابوالنجا – السعودية