نصوص أدبية
صيفٌ كئيب ..
الصّيفُ كئيبٌ هذا العام ..
تغيّرت فيهِ طباعُ الشّمسِ ..
صيفٌ كئيب .. / عاطف الدرابسة
قلتُ لها:
هذا القمحُ الذي ينتظرُ الحصاد ..
شربَ من عَرَقِي ..
وارتوى من دُموعي ..
حتّى صارَ كالذّهب ..
كأنّنا نُضيُّعُ السنابلَ واحدةً واحدة ..
ونفقدُ الأرضَ شبراً شبراً ..
أسالُ الحُقولَ عن المُهرِ ..
الذي كان يعدو هناك بينَ القطيع؟
وأسألُ الرِّعيان لمَ جفَّ الضّرعُ قبل انتهاءِ المواسم؟
يُمزِّقني الحنينُ إلى هزَّاتِ رأسِ جدِّي ..
وهو يفركُ سنابلَ الذّهبِ بينَ يديه ..
كأنّها الشّمسُ ..
تنثرُ جدائلَ شعرها على كتفِ الأصيل ..
صيفُ هذا العام يا حبيبةُ كئيبٌ ..
تغيّرَ فيهِ طعمُ العِنبِ ..
وطعمُ الدُّراقِ ..
وطعمُ البطّيخِ ..
وطعمُ القُبلةِ ..
وطعم الأفكارِ ..
ورائحةُ العرقِ ..
وبردُ بيوتِ الطّينِ ..
الصّيفُ كئيبٌ هذا العام ..
تغيّرت فيهِ طباعُ الشّمسِ ..
واختلفت عليَّ أصواتُ الكلابِ ..
أمشي وحيداً بينَ الحقول ..
أرى وجوهَ الأزهارِ تبتسمُ ..
بحُزنٍ يشبهُ الوداعَ القديم ..
الصّيفُ هذا العام كئيب ..
ستحترقُ فيهِ مُدُنٌ ..
وتغرقُ فيهِ بحار ..
ستغيبُ عروشٌ ..
وتأفلُ نجومٌ ..
وتتكشّفُ أسرار ..
هذا الصّيفُ ملعونٌ ..
كشيطانٍ رجيم ..
رأسهُ رأسُ ثعلبٍ ..
وجسدهُ على هيئةِ طيرِ حمام ..
*
كلّما غاضَ طوفانُ ماءٍ ..
فاضَ بينَ شعابِ هذه الأرضِ طوفانُ نار ..
د.عاطف الدرابسة