نصوص أدبية
قبلَ أن ينتهي المساء
وأشجارٌ تزحفُ نحوي بأنياب ..
وعيونٌ بلونِ السّماء ..
زرقااااااء ..
قبلَ أن ينتهي المساء! / عاطف الدرابسة
قلتُ لها:
المياهُ تغمُرُني ..
وأنا ما زلت عطشانَ ..
الضّوءُ يُحاصرني من كلِّ الجّهات ..
وأشعرُ أنّي وحيدٌ في الظّلام ..
كلّ الاسماءِ تؤولُ إليَّ ..
وأنا لا اسم لي ..
ولا هوية ..
الشّمسُ يا حبيبةُ تتحرَّكُ نحوي ..
مثلَ الموجِ ..
فأشعرُ بالبردِ ..
وأرتجفُ كارتجافةِ يدِ امرأةٍ في أقصى العمر ..
أُحسُّ بالأشياء التي ..
كانت تمرُّ بذاكرتي ..
مثل الحُلمِ ..
كأنّها لم تكُن ..
أراها تذوبُ في المياهِ الآسنة ..
كما يذوبُ العمرُ ..
أُفكّرُ بالاسماءِ ..
والقبائلِ ..
والصّحراءِ ..
والخيامِ المزروعةِ في المهاجرِ ..
كأنّها العدم ..
تحتجبُ في كلماتي أسماءٌ وأسماء ..
أسماءُ الله ..
وأسماءُ الأنبياء ..
وأسماءُ الكتب المقدّسةِ وغير المقدّسةِ ..
وأسماءُ النساء ..
تختفي بينَ حروفي بلدان ..
وتولدُ بلدان ..
ماتَ فيها عراق ..
وعاشَ فيها عراق ..
وزُفّت على أكتافها شآم ..
وتصّحرَّ يمنٌ ..
وانطفأتْ شمعةُ عدنٍ ..
وشمسُ صنعاء ..
حولي الآن ..
بحرٌ هائجٌ ..
ورملٌ وجلّاد ..
وأشجارٌ تزحفُ نحوي بأنياب ..
وعيونٌ بلونِ السّماء ..
زرقااااااء ..
تنظرُ إليَّ نظرةَ الوداع الأخير ..
قبلَ أن يُضيءَ الموتُ قبري ..
وينتهي المساء ..
د.عاطف الدرابسة