نصوص أدبية
الشرقُ المحروق
كلُّ الأزهار التي أُنبتت في حقولنا ..
تتحدثُ بعطرٍ لا يشبهُ عطرَ قهوتنا ..
الشرقُ المحروق / عاطف الدرابسة
قلتُ لها:
علّمونا في المدارسِ ..
حينَ كنّا أطفالاً ..
لا نُفرّق بينَ الجهاتِ والآراء :
إنّ السكوتَ من ذهب ..
وعلَّمونا أن الصّمتَ أبلغُ من الكلمات ..
لذلك كنتُ أتساءلُ ..
لماذا لم أولد أخرس ..
لماذا لم أُولد مقطوعَ اللسان ..
كلُّ الحكوماتِ في الشّرقِ تخشى الكلمات ..
وتخافُ من إيقاعِ الحروف ..
وتُصابُ بالغثيانِ حينما تأتيها الجملةُ تامّة ..
لا غموضَ فيها ولا تورية ..
في هذا الشرقِ المحروقِ بنفطهِ ..
من المُحيطِ إلى الخليج ..
ألفُ مدرسةٍ للمؤامرة ..
وألفُ عميلٍ يُتقنون لعبة الخيانة ..
وألفُ ألفُ كاتبٍ يُغيّرُ الحقيقة ..
وألفُ ألفُ مُفكّرٍ يكتبُ عن التنميةِ والكرامة ..
وهو لا يعرفُ أبجديةَ التنميةِ ولا كيف تكونُ الكرامة ..
كلُّ الأزهار التي أُنبتت في حقولنا ..
تتحدثُ بعطرٍ لا يشبهُ عطرَ قهوتنا ..
وكل العصافيرِ التي تحطُّ على أغصانِ أشجارنا ..
لا تعرفُ مواعيدَ الفجرِ ..
ولا تعرفُ شكلَ الصّباح ..
هذا الشّرقُ كالقُبلِ المرسومةِ على الورق ..
بلا حياةٍ ..
كالشّوقِ المنثورِ في أبياتِ قصيدة ..
كالحنينِ المُعاق ..
كالمطرِ في تمّوز ..
كآلهة الأساطير ..
لا تبيعُنا إلّا الوهمَ والجفاف ..
كعُطيل حينَ يغيبُ العقلُ وتقودهُ الظنون ..
كالأطلالِ الدَّارسةِ في قصيدةٍ جاهلية ..
د.ع