أخبار ثقافية
غرباء ريبيكا روث غولد بطبعة ثانية
عن دار سيرفنغ بوكس في الولايات المتحدة الأمريكية صدرت لريبيكا روث غولد الطبعة الثانية من مجموعتها القصصية "Strangers in Love" ولكن بعنوان مختصر وهو "Strangers". تضم هذه الطبعة قصصا مزيدة ومنقحة. وتغيب عنها القصص السريالية والفانتازية. ويلاحظ عليها تبني الاتجاه الواقعي مع اختيار شخصيات مثقفة تعيش خارج أوطانها. ولا تقتصر الغربة على أبناء الشرق الذين يدرسون في الغرب، وتشمل إلى جانب ذلك غربة السياح الغربيين في نصف العالم الشرقي. وعلى هذا الأساس يمكننا أن نستنتج أن القصص تدور حول محورين أساسين هما طلب العلم والسياحة الثقافية. وتتخلل كل جانب علاقات حب عابرة وسرعان ما تمنى بالفشل وتصل إلى الدرب المسدود.
ولكن في كل الحالات تحاول غولد أن تتعاطف مع أبطالها. وهي لا تفسر فشل هذا الغرام وتدعه ليعبر عن نفسه على أساس حضاري وقناعات مسبقة. وترى أن في كل ثقافة تقاليد وطقوس خاصة بها. وهذا لا يمنع التعاطف والتقاطعات الودية السريعة. بمعنى آخر تسمح للجسور أن تكون مفتوحة بين الطرفين، وتترك للتاريخ مهلة تمهيد الطريق والتأكيد على ضرورة حوار الحضارات وليس الصراع والاستنزاف. ولا تخلو القصص من معلومات عن تاريخ الشرق والغرب وأسباب النزاع وضرورة تجاوزه. وفي نفس الوقت تبدو متأثرة بأدبيات عصر النهضة مثل شارلوت برونتي وعلى وجه الخصوص جين أوستن. ولاحظت ذلك في اهتمامها المفرط بمطبخ السيدات وأزياء الذكور. وتمنح المرأة ساحة مزدوجة، فهي لاعب أساسي في التثقيف والطهي. أما الرجل فهو موجود في الثقافة والمخادع - أو غرف النوم. وتمر كل القصص على عواصم شرقية معروفة مثل دبي ودمشق وطهران وتبليسي (الجورجية). ووتستطيع أن تلاحظ أن المفاضلة بين هذه الأماكن يقوم على معايير تحرر المرأة وحرية الثقافة وديمقراطية النظام. وهو ما يدعو شخصيات القصص ومن خلفهم غولد إلى النظر بعين الشك والريبة لبطريركية النظام الإيراني، ولتعثر سجل الحريات المدنية في دبي، ولإصدار أحكام قاسية بحق النظام والدولة في سوريا (ومن تاريخ القصص تعلم أن المعنيين هم نظام ومجتمع ما قبل عام 2013). أو الجمهورية الثانية في دمشق (ما يعرف باسم الحكم العسكري أو حكومات 8 آذار).
وردا على سؤال وجهته إلى غولد عن الهدف من هذه القصص تقول: إنها أرادت أن تشجع على حرية الكلام في الشرق. وترى أن أندريه بلاتونوف الروسي من الأمثلة الناجحة بهذا المضمار. فهو شيوعي لكنه شجاع وجريء ويمتلك لغة نقدية تضعه خارج أدباء البروباغاندا وتقربه من الأحلام المشروعة لإنسان القرن العشرين. وتضيف إنه تكلم عن المجاعة السوفييتية والبرد الروسي بنفس اللهجة الجريئة التي يتبعها أدباء غزة اليوم في كلامهم عن دموية وقسوة الآلة الحربية الإسرائيلية. وتقارنه بأعمال ولغة الفلسطيني المعاصر ناسر أبو سرور.
وصدر لريبيكا غولد في السنوات السابقة كتاب شعر السجون في إيران. وكتاب آخر بعنوان محو فلسطين. وتناقش فيه ادعاءات وزيف فكرة العداء للسامية التي تنتهجها إسرائيل. وتعمل حاليا أستاذة الحضارة الإسلامية والأدب المقارن في جامعة لندن، كلية الاستشراق والدراسات الإفريقية.
***
من صالح الرزوق - أبو ظبي







