روافد أدبية

سالم الياس مدالو: ام يوسف

كان الوقت ليلا، والظلام مخيم على القرية. والسكون لف طرقاتها بردائه المشوب بشيء من الخوف والحزن. اقترب حمودي من امه بينما كانت تحلب بقرتهم الوحيدة باناملها الوادعة قائلا: اماه لماذا لبست ام يوسف السواد؟.

 التفتت نحو ابنها حمودي من دون ان تتوقف عن الحلب. لحظة واحدة كانت اناملها تنزلق على ضرع البقرة بسرعة عجيبة. قائلة:

ما لك وام يوسف يا صغيري؟ اذهب وانجز ما لديك من واجباتك المدرسية، ظل حمودي ساهما لبعض الوقت ومن ثم استدار نصف استدارة باتجاه كوخهم الطيني افترش الارض متنصتا الى صياح ديكة تناهت ال سمعه. لكن غلبه النعاس فغط في نوم عميق.

2 -

مرت الايام الاسابيع والشهور وتعاقبت الفصول، وطيور السنونو بنت اعشاشها في سقوف بيوت الاغنياء وام يوسف تقول: يوسف يوسف ابني يوسف كانت تقولها والدموع تنهمر من ماقي عينيها كانها المطر. سال حمودي ام يوسف وهو عائد من المدرسة ذات مرة لماذا تلبسين يا خالتي ام يوسف السواد؟ اجابت قتلوا قتلوا ابني يوسف لا لشيء سوى انه كان يعشق الطيور والزهور ويعشق دجلة والفرات. فهرع حمودي الى امه مسرعا ليقول لامه اماه اتدرين لماذا لبست ام يوسف السواد؟

اجابت ام حمودي اعرف اعرف يا بني كل شيء وكفى .

 3-

 اطلق حمودي صفيرا محببا الى نفسه وشرع ينثر حبات الشعير لطيور الحمام التي كانت تهدل خلف كوخهم الطيني وطفق يسالها احقا كان يوسف يحبك ايتها الطيور؟

كانت جميعها تحدق بعيني حمودي بصمت وكانت تنطلق من عيونها الاف النجوم واصوات متلاحقة وكأنها تقول نعم نعم كان يحبنا .

4 –

وفي الليل اوى حمودي الى فراشه وعند الصباح ارتدى ثيابه تابط كتبه ومضى حزينا كهرٍ، مقرورٍ، الى المدرسة .

***

سالم الياس مدالو

 

في نصوص اليوم