كتب واصدارات
كتابٌ جديد عن أُستاذِنا العلاّمة عليّ جواد الطاهر
عن دار (كنوز المعرفة للنشر والتوزيع) في عمّان/ الأردنّ صدر قبل أيام قليلة كتاب الصديق العزيز الدكتور سعيد جاسم الزبيدي الموسوم بـ (علي جواد الطاهر لغويَّاً)، وهو كتابٌ قامَ على تتبّعٍ دقيق لجهودِ أُستاذنا الطاهر في: اللغة، والنقد، وتنقيةِ ألسنة دارسي العربيّة من خطلِ الكلام، أو فساده .
وقد قلتُ فيه بعد استقرائي لِما وثَّقه الزبيدي في تتبعهِ ذاك ما يأتي:
هذا كتابُ وفاءٍ (تكريميّ) صاغته مروءةُ مريدٍ قلَّ مثلاؤه في هذا الزمن الذي يشكو من قلَّةِ الذين يوفون بالعهدِ والاعتراف بالجميل، لأنَّ (الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنقُضُونَ الْمِيثَاقَ)⁽¹⁾ يحسنونَ السمعَ، ويبسطون جناحَ الرحمة، ولا تعاني ضمائرُهم هبوطاً حادَّاً في المحبَّةِ، ولا يتوارثونَ الخطيئة، ولا يكذبون.
ومثلُ هذه الكتب التي تخصّصُ لتكريمِ العظماء، والعلماء، والرموز الإبداعيَّة يشتركُ في تأليفها (كما جرت العادة) جمعٌ من المحبّين، أو الباحثين الجادِّين، أو ممَّن كانوا قد تلمذوا على المكرَّم، فضلاً عن أنَّ التي تتولّى إصدار تلك الكتب هي جهات حكوميَّة، أو مؤسَّسات ثقافيّة، أو علميَّة،كما في الكتاب التكريمي (محمّد مهدي الجواهري ـ دراسات نقديّة) الذي أعدَّه فريق من الكتّاب العراقيين، وأشرف على إصداره المرحوم هادي العلوي، وكما في كتاب (السيّاب في ذكراه السادسة) الذي أصدرته وزارة الإعلام العراقيّة سنة 1971م، وكما في (كتاب تكاري ـ نازك الملائكة، دراسات في الشعر والشاعرة) الذي شارك فيه نخبة من أساتذة الجامعات العربيّة، وكان من إعداد وتقديم واشتراك د. عبد الله أحمد المهنّا، ونشرته شركة الربيعان للنشر والتوزيع، الكويت ـ 1986م، وكما في غيره ⁽²⁾.
والأستاذ الدكتور سعيد جاسم الزبيدي (مؤلّف هذا الكتاب) غنيٌّ عن التعريف، لأنه باحثٌ حصيفٌ، وشاعرٌ سامق، وأديبٌ موسوعيٌّ تعدّدت إنجازاتُهُ العلميّة وتنوَّعت، فهو لغويٌّ ثبتٌ، والدليل على ذلك كتابه (الخليل صاحب العين) ، و(نظرات في كتاب العين) ، و كتابه المهم (من معجم الجواهري) وغيرها.
وهو نحويٌّ شغوفٌ بالقديم والجديد، كما في كتبه: (القياس في النحو العربيّ)، و (نحويٌّ مجهول في القرن العشرين)، و(النحو عند غير النحويين)، و (قراءة جديدة في كتاب سيبويه)،و(قطرب النحوي .. رؤية جديدة) وغيرها.
وهو باحثٌ جاد في التفسير، والقراءات، ولعلّ ما يثبتُ ذلك الأجزاء الأربعة التي أصدرها بعنوان (سؤال في التفسير)، فضلاً عن كونهِ أديباً مرموقاً كما في إنجازاته: (أبو حاتم السجستاني الراوية)، و (أبو حيّان التوحيدي)، و(أبو الفرج الأصفهاني)، و(في مواجهة النصِّ) .
أمّأ في الشعر فله سبعة دواوين مطبوعة هي: (وأرى العمرَ يضيء)، و(أُفقٌ يمتدُّ)، و(نوافذ)، و(على رصيف الغربة)، و(صوت بلا صدى)، و(التفعيلة الأخيرة)، و(لملمْ حروفك).
في كتاب الوفاء هذا الموسوم بـ (عليّ جواد الطاهر لغويَّاً) تابع المريدُ الدكتور الزبيديّ شيخه العلاّمة الدكتور الطاهر متابعةً دقيقةً في كلِّ ما أنجزَ من أسفارٍ ، أو دراسات، أو مقالات سواءٌ أكانت في منهج البحثِ، أم في النقدِ والنقّاد، أم في الفنِّ السرديِّ، أم في نظريّة الأدب، وما إليها، أم في ما ذكره عن الترجمة وشؤونها، كما أنَّ الزبيدي كان أميناً، وموضوعيَّاً حين ذكر جميع الذين سبقوه في الكتابة عن الطاهر، سواءٌ أكانت كتاباتهم أسفاراً، أم مقالاتٍ نُشرت في بعض الدوريّات العربيّة.
أمَّا متابعة الزبيدي لشيخه الطاهر في الذي كان يراه من ضرورةِ ضبط النحو في مفرداتِ الشعر،ونسيجه اللغوي، ومتابعته في الذي ذكره في نطقِ العوامِ، وبعضِ الخواص لاسيّما في حروف: الثاء ، والجيم، والضاد، والظاء، والقاف، فهي وإنْ كانت قد وردت في سياق عام، فإنَّ تلك المتابعة دلّت على حرص الشيخ الجليل على تنقية ألسنة من أصابتهم حرفة الأدب، والدارسين عموماً من اللحنِ، والخَطَل في الكلام، إلى جانب ما كان للطاهر من عناية فائقة بالأفعالِ: ضبطاً، وتصريفاً، وتصحيحا.
وبعدُ، فلصديقي العلاّمة الدكتور سعيد جاسم الزبيدي أجمل التهاني وأجزل المباركة على منجزهِ العلمي هذا، راجياً من المؤسَّسات الثقافيّة، والعلميَّة في بلداننا العربيّة جميعها أن تنحو نحوه، وتحذو حذوه في تكريم الجهابذة من الرموز العلميّة، والإبداعِيّة ، والفنيّة في حياتهم قبل أن يرتحلوا إلى عالم الغيب، فلولاهم لما كانت الحياة الثقافيّة مستساغة.
***
أ . د. عبد الرضا عليّ
..........................
إحـــــالات
(1) الرعد: 20.
(2) ـ كما في الكتاب التكريمي (عبد الوهاب البياتي في بيت الشعر) الذي نسّقه، وقدّمه المنصف المزغنِّي، وكان من منشورات وزارة الثقافة التونسيّة، وبيت الشعر التونسي سنة 1999م.