مقاربات فنية وحضارية
شمس الدين العوني: تجربة الفنانة التشكيلية عائشة بن حميدة بين الرسم والخزف
".. الفن علاج وحلول للمشكلات.. والفنان يرى ما لا يراه غيره وهو يحول الصدفة الى عمل قصدي .. والرداءة الي جمال.. ".
الفن هذا السفر المفتوح على الأزمنة حيث الأمكنة مجالات قول بالنظر والتأويل وفق ما يعتمل في الذات من هواجس وشعور تجاه العناصر والأشياء.. انها الرحلة المحيلة الى الكينونة وهي تقيم ترميم ما تداعى من الكائنات وما حل بالروح من سقوط حيث الفن تلك المفردات المحيلة الى الأعمق والأبهى والمربك والمدهش..
في هذه الدروب من لعبة الفن تبرز فكرة التشكيل بتلوينات الدواخل نحتا للقيمة وتأصيلا للكيان في كون من المتغيرات وما يرتسم وفقها من أشكال وعلامات وثيمات فكأن الذات الفنانة في رحلة التلقي والبث من خلال الرسم والتلوين فضلا عن الأنماط الفنية الأخرى ومقتضياتها الجمالية والفنية.. فالفن هنا حالات وجد وتشوف تجاه الآتي وحلم يمضي مع الذات الفنانة بكثير من البهجة والحنين والحيرة والقلق ..
ان اللعبة الفنية بمثابة وقوف الفنان على خشبة الحياة يحاول الأشياء والعناصر ويحاولها بحثا عن ذاته في زحمة الكائنات فكأن القماشة نص وكأن الألوان شخوصا في اتجاه اكتمال المعنى المولد للمشهدية في مسرح الكون وبالتالي في مرسم الفنان.. انها فسحة العبارة التشكيلية تبتكر مجالات مجدها وعنفوان حركتها في عوالم الأصوات والألوان والحركة.. والحياة..
من هنا ووفق هذا الذهاب في دروب الفن والتشكيل نمضي مع عوالم تجربة فنية تشكيلية تقول بالتلوين ضربا من الامتاع والابداع وفق حالات الذات التي يقتلها الحنين وتأخذها بهجة العناصر وجمال المشهديات المحيلة الى الذات في حلها وترحاله فكرا وحلما حيث المرسم ورشة للمؤانسة والتماهي مع ألق الذات وبهاء تفاصيلها..
الفنانة التشكيلية في هذه السياقات ومن خلال أعمالها الفنية التشكيلية تأخذنا طوعا وكرها الى جمال فكرتها التشكيلية حيث طفولة مقيمة والى الآن في تخيرها اللوني والجمالي ومن ذلك يبرز هذا الجمال المبثوث في المواضيع المتخيرة بين المشاهد والمدينة والأبواب والطبيعة الجامدة وغيرها من حالات شتى ترتسم في ذاتها لتأخذها من هناك الى القماشة في اشارة الى تعبيرية بينة ووفق مفردات تشكيلية تعبر عن أحوالها وجدانا وشغفا بالفن ونظرا عميقا للآخرين وللعالم.
وبخصوص عملها الفني الذي تواصل تجربتها ضمنه كسفر جميل تقول الفنانة التشكيلية عائشة بن حميدة ".. اري ان الفن رسالة فهو يوثق حقبة من التاريخ ويعالج المسائل الاجتماعية والسياسة والاقتصادية كما انه مهم جدا لتوعية المجتمع وبه يتم تنوير العقول فهو يدعو الي رؤية جديدة للواقع والمعيش كما أنه لايتطور مع تطور المجتمعات والأزمنة. ان الفن يعالج ويقدم الحلول لجميع المشكلات . وهو دواء لكل داء فالفنان يرى ما لا يراه غيره من العامة وهو يحول الصدفة لعمل قصدي والرداءة الي جمال ..
وبالتالي هو نبض الحياة.. أنا خريجة المعهد العالي للفنو ن الجميلة بباب سعدون .مولعة بفن الرسم منذ الصغر والتحقت بمعهد الفنون لتحقيق حلمي .قمت بعدة معارض وانا طالبة في مدينة تونس وخارجها من المدن المجاورة. تحصلت علي الاستاذية اختصاص خزف سنة 1993 تتلمذت علي يد أساتذة كبار علي غرار عبد الرحمان متجاولي وعلي الطرابلسي رحمهما الله وخليفة شلتوت واللبان وطارق عبيد وبودن.. كنت شغوفة بالخزف وشاركت بعدة معارض جماعية وكانت لي حوارات إذاعية مع عدة اذاعات .ثم تعطل نشاطي وصرت أنشط بشكل بطيء لفترة لأسباب عائلية .منذ سنتين استعدت نشاطي وانا الان بصدد الإعداد لمعرض شخصي كما انني تتلمذت علي يد الاستاذين علي الزنايدي والمسعودي في المعهد العلوي . وانا لي شديد الاعجاب بعمليهما وتجربتيهما.. والآن انا استاذة فنون تشكيلية متخصصة في الخزف قمت بعدة معارض في التسعينات لكن لظروف خاصة توقفت وها انني الآن أعود من جديد.. ".
تجربة مفتوحة على التواصل مع الممارسة الفنية من حيث التجدد في التعاطي مع الرسم والخزف حيث تتنوع أعمال الفنانة عائشة بن حميدة وفق الحرص على الاعداد لمعرض شخصي في الفترة اللاحقة وذلك مع بدايات الموسم الثقافي الجديد برواق فني بتونس لتبرز الأعمال الفنية وفق بانوراما تعكس جانبا مهما من التجربة والابداع الفني التشكيلي لفنانة كان لها شغف عميق بالفن منذ طفولتها والى الآن.
***
شمس الدين العوني