أقلام حرة
صادق السامرائي: العجزُ المُتعَلم وناعور الألم!!
حالة نفسية وسلوكية ناجمة عن تعرض الشخص لمواقف سلبية متكررة دون إمتلاك القدرة على التحكم بها، مما يتسبب بإعتقاده بأن محاولاته بلا جدوى فيخنع ويستكين.
أي هي حالة يشعر فيها الإنسان بالعجز بعد تكرار الفشل أو الإحباط فيتوقف عن المحاولة حتى لو أصبحت لديه القدرة على النجاح.
وفي بعض المجتمعات التظاهرات قُمِعَت وما غيرت، والإنتخابات أسفرت عن ذات الوجوه، والكتابات لا تُقرأ والإنتقادات لا تعني شيئا، والقول بالفساد والتبعية ونهب ثروات البلاد والعباد لا قيمة لها ولا أثر، ولهذا فأن هكذا مجتمعات لن تأتي بجديد، وستبقى تدور في ناعور الخيبات والإحباطات، ودولها تضع على رأسها تاج الفشل.
والعجز المتعلم تكوّنه التجارب السلبية المتكررة، والبيئة القمعية، والنقد الخلبي المستمر، وعدم وجود دعم إيجابي، مما يؤدي إلى فقدان الثقة بالنفس وإنعدام الحوافز للمحاولة والتعلم، وإلى القلق والكآبة، والإستسلام السريع أمام التحديات.
ولابد من التغلب عليه بإعادة بناء الثقة بالنفس والقدرة على التأقلم، ومعرفة آليات حل المشكلات، وإشاعة الأمل والتفاؤل.
ودول الأمة ومنذ بدايات النصف الثاني من القرن العشرين، في دوامات العجز المُتعلم وتطبَّق على مجتمعاتها نظرياته وأخواتها، القاضية بتعطيل العقول وتقنيط الأجيال، ودفنها في خنادق الخيبات والنكسات والإنكسارات والنكبات، حتى إنطمرت في تراب عجزها وكسلها وإمعانها بالتبعية والتوكل على غيرها لتأمين حاجاتها، فصارت تستورد طعامها وتئن من عدد أبنائها، وفقدت قدرات تفعيل عقولها والإستثمار في ثرواتها البشرية.
ويلعب الإعلام العالمي والمحلي الدور الأكبر في تأمين السلوك المؤدي للتحول إلى ضحية سهلة، ووجود روباتي الملامح، فيكون أبناء المجتمع أدوات نافعة لتحقيق الأهداف القاضية بإفتراسهم ومصادرة حقوقهم وهم في غاية الشكر والإمتنان.
أي أن عناصر الهدف تكون قوة ضده ولا يحتاج المستهدف لبذل جهد وخسائر، لأنه قد إصطاد الهدف بعناصره، وقيّده بما عنده من القوة والإقتدار، أي أن الهدف يطعن نفسه، وهذا سلوك إنتحاري تؤهَّل له المجتمعات لتقضي على نفسها وتبيد.
ومن الأمثلة أن بعض دول الأمة إعتمدت على ما تمنحها الأرض من ريع، فتعطلت قواها وفقدت الكثير من المهارات التي تواصلت بها الأجيال، وأصبحت تستورد كل شيئ ولا تستطيع توفير المواد الغذائية الأساسية لمواطنيها.
وهذا العجز الجمعي تسبب بتداعيات متراكمة وإتكالية مروعة، لا تجدها في مجتمعات دول الدنيا الأخرى.
فكيف بالنعمة تتحول إلى نقمة، وللطاقات أن تخمد وتتبدد؟!!
"وشر العالمين ذوو خمولٍ...إذا فاخرتهم ذكروا الجدودا"!!
تكررتِ النواكبُ والرزابا
وشاهدُها المواجعُ والخطايا
قنوطٌ من تأسّنها تنامى
فدامتْ في مَعاقلها البلايا
خنوعٌ نهجُها دونَ اكْتراثٍ
يؤهلها لحاديةِ المنايا
***
د. صادق السامرائي
....................
*Learned Helplessness







