أقلام حرة
صادق السامرائي: المطمورون في تجاهلهم!!

ذات مرة قال أستاذي: " الدول تصنع رموزها في ميادين المعرفة، ونحن نطمر رموزنا أو نقتلهم"!!
هذه ظاهرة تميزنا عن مجتمعات الأمم الأخرى، فمعظم المبدعين المتميزين ماتوا بعيدا عن وطنهم، وما ذاقوا طعم الإحتفاء بهم وتقديرهم أثناء حياتهم.
فلا رأي إلا رأي الكرسي وما يشير إليه ويمثله من الأشخاص.
فالقوة تقرر، والإبداع يحرر، ومَن لا يكون مع الكرسي فهو عدوه اللدود، وعليه أن يموت أو يغادر البلاد.
الأسماء المطمورة كثيرة، ولهذا تأسنت المسيرة، ونأى التقدم وغاب التطور، وإنغمس الناس في أوحال الأضاليل والأوهام، وهدرت طاقاتهم في مناكفات بينية وصراعات تؤججها القوى الطامعة بالبلاد والعباد، بتوفير السلاح الطائش المنفلت ونشر التصورات والأفكار الداعية للفرقة والتناحر والإقتتال.
المجتمعات تتقدم بقدواتها وأعلامها في شتى المجالات، وعندما يتم تفريغها من أنوارها المعرفية، وأفكارها العصرية، تتحول إلى عصف مأكول، وتداهمها آفات الإقتدار من كل حدب وصوب، وتتعلم إستلطاف الإفتراس والتبعية والهوان، وتتلذذ بنكدها وقهرها، وتبث شكواها لبعضها بأشعارها وخطاباتها، وبعض كتاباتها.
لماذا ننهرعقولنا ونتنكر لدورها ونحسبها عالة علينا وعاهات تدمرنا؟
السؤال صعب والجواب أصعب، والعلة في تكويننا النفسي، وتفاعلاتنا الأنانية القاسية، فكل منا يرى أنه فحل التوت في بساتين الوجيع الأليمة السقيمة.
السمع والطاعة دستورنا، وإعمال العقل بجرأة وحرية من الخطايا الجسام في عرفنا الجمعي، وعلينا أن ننحشر في ميادين التبعية والتفاني وراء أطماع المبتزين لوجودنا، والمقررين لمصيرنا، والذين يرموننا كأحطاب في سجيرات الويلات، والتصارعات المتوجة بشعارات تضليلية، وخداعات مدروسة لسحقنا وحرماننا، ليفوزوا بما يغنمون.
عقولٌ من مظالمنا تناءتْ
وفي بلدٍ يُقدّرها تنامتْ
عداءٌ نحوهم منّا تفشّى
فنطردهم بأيامٍ تغابتْ
هي الدنيا بعقلٍ مستنيرٍ
يثوّرها ويقدحها فدامتْ
***
د. صادق السامرائي