أقلام حرة
صادق السامرائي: الشعر والفكر!!

معظم المولعين بالشعر يتصورون بأنهم سيأتون بما لم يأت به الأولون، وكأن مسيرتنا لم تحفل برموز متميزة، وعندنا قمم شعرية بلغت ذروة الإبداع الفني بجميع عناصره وصوره، فهل من المعقول أن نتمكن من لوي أعناق القصائد الملحمية في مسيرة الشعر العربي، منذ أن قال العرب شعرا؟!!
علينا أن نعاصر بواقعية ولا نطارد سرابات ونغرق في أوهام وهذيانات، الشعر كان صوت إعلامي لمسيرة الحياة، والمشهور منه مجاور للكراسي، ومعظم المشاهير من المقربين إليها بأنواعها، وأغراض الشعر معروفة منذ أمدٍ بعيد.
الزمن الذي نعيشه سقطت فيه أبواق الإعلام الشعري الموجّه، وهيمنت على الوعي الجمعي وسائل التواصل المتنامية السرعة والكثافة المعلوماتية، وما عاد الناس يستسيغون سماع الشعر المدثر بالرموز والغموض، والمعاني الخفية والجمل المعقدة والمفردات الغريبة، والعبارات المضطربة.
فلا حياة لأبي تمام والبحتري وابن المعتز بيننا، إلا لبعض أبياتهم الخالدة، لأن مفرداتهم منسجمة مع زمانهم ومكانهم.
وهل للشعر الحديث مكانا في أيامنا برغم إجادة أصحابه بقدراتهم الإبداعية والفنية واللغوية؟
الواقع المعاصر بحاجة إلى فكرة واضحة بمفردات بسيطة ومباشرة، منظومة ذات إيقاع مؤثر، حتى وإن حسبها البعض ليست شعرا، فلا يمكن لموروث عمره عشرات القرون أن يُقتل بطعنة، لأنه منغرس في نويات خلايا الأجيال، وتلك حقيقة نتجاهلها، ونرى أن إستحضار ما عند الآخرين معاصرة ومواكبة وإبداع أصيل.
فهل أن سوق الشعر كسدت، ودوره وتأثيره في المجتمع إختفى، وما عادت الذائقة الجمعية تستسيغ ما تراه النخب شعرا؟!!
و" هل غادر الشعراء من متردمٍ...أم هل عرفت الدار بعد توهم"؟!!
وهل "أن أبهم الشعر أجمله"؟!!
بشعرنا كأننا ... بل أننا بشعرنا
يا أمةً تألّقت...وأغفلت ما عندنا
هل إنمحى أسلافنا ... وندّعي بغيرنا؟
***
د. صادق السامرائي