أقلام حرة

صادق السامرائي: مقاييس القوة

الزراعة والصناعة مرتكزان أساسيان للقوة والإقتدار، فمن لا يزرع ولا يصنع عليه أن لا يتمنطق بالقوة، ويعرف قدر نفسه وسط مسيرة التفاعلات الأرضية المحتدمة، والساعية منذ الأزل نحو مصادر الطاقة بأنواعها ومقتضيات تطورها.

المتوهمون بأن القوة عسكرية بحتة، وتكنولوجية خالصة بعيدون عن واقع الحياة، فأساس القوة توفر المواد الغذائية وإزدهار الزراعة وتطورها، لتوفر الطعام للبشر لكي يعمل ويستثمر وقته بنشاطات إبداعية خلاقة.

والمعروف أن الحضارات بدأت في وادي الرافدين والنيل، لأنهما وفرا أسباب الأمن الغذائي، وأصبح للناس وقتا للتفكير والإبداع، فكانت مرتكزات الإنطلاق الكبرى.

تخيلوا لو أن الدول القوية عسكريا وتكنلوجيا، عانت من أزمات توفير الطعام، فهل ستبقى قوية؟

إن ما تغفله العديد من المجتمعات المضللة أن الزراعة أساس كل قدرة فردية أو جماعية، فعندما تمتلئ البطون تتفاعل العقول وتنتج مبتكرات، وتستحضر أفكارا ذات تأثير في مسيرة الحياة.

فهل وجدتم جائعا يبتكر ويصنع؟

إن من أهم أسباب تردي بعض المجتمعات هو آفة الجوع، التي تنخر وجودها وتحطم أخلاقها وقيمها وتدفعها إلى جحيمات التباغض والتصارع المبيد.

فحاربوا الجوع والفاقة لتصنعوا الحياة.

إذا تزرع بها تصنع جديدا

ولا تصنع إذا قتلت حصيدا

حرائق عزنا منا ذكاها

تجوّعنا وترهننا عبيدا

هي الأرض التي منها أتينا

ستأكلنا وتجعلنا قديدا

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم