أقلام حرة
صادق السامرائي: المستعصم بالله!!

أبو أحمد عبد الله بن المستنصر بالله (609 - 659) هجرية، تولى الخلافة في عمر (31)، ولمدة (19) سنة، (640 - 659) هجرية.
قال الشيخ قطب الدين: " كان متدينا، متمسكا بالسنة كأبيه وجده، ولكنه لم يكن مهتما في اليقظة والحزم وعلو الهمة...".
وقال الذهبي: " وكان أبوه المستنصر قد إستكثر من الجند جدا، وكان مع ذلك يصانع التتار ويهادنهم ويرضيهم، ولما إستخلف المستعصم كان خليا من الرأي والتدبير، فاشار عليه الوزير بقطع أكثر الجند، وإن مصانعة التتار وإكرامهم يحصل به المقصود، ففعل ذلك"
هذا ما ذكر عنه، ومن الواضح أن أباه كان يتفاعل مع التتار من موقع قوة وهيبة، وهو ذهب التفاعل معهم من موثع ضعف وخنوع، وكأنه كالدمية بيد وزرائه وقادته، ولم يستشر عمه الخفاجي في الأمر العسكري المصيري.
ويبدو أنه خلال فترة خلافته قد عمل على إضعاف الدولة شيئا فشيئا، حتى صارت سهلة على المعتدين، ولضعفه وفقدان هيبته وحزمه، تفاعل وزراؤه وقادته على هواهم وبما يحقق مصالحهم الدونية، حتى اصيبوا جميعهم بمقتل شديد.
وكان على المستعصم أن يحافظ على قوة جنده ويزيد منهم ويكون حذرا من التتار ويقف لهم بالمرصاد ويذود عن حياض الأمة بقوة وعزة وكبرياء، لكنه كان يفتقد للقدرات القيادية والمهارات السياسية، فتسبب بفجيعة حضارية كبرى.
والأسئلة التي يجب أن تُطرح، لماذا لم يتواصل في مجابهة التتار ومطاردتهم كما فعل أبوه؟
لماذا أقصي عمه الخفاجي القائد العسكري المحنك؟
لماذا تواصل بتقليص عدد الجند؟
إن ما حصل عملية معقدة إستمرت لعدة سنين، فإضعاف دولة بحجم الدولة العباسية وإسقاطها يحتاج إلى مدة زمنية، ويبدو خلال أقل من عقدين تم نحرها بشتى الوسائل، والخليفة بلا رؤية ولا دراية وكأنه يتميز بمحدودية ذكاء وضعف في التفكير، لأن ما وافق عليه وقام به يتقاطع وبديهيات الأمور، ولا يمكن لصبي أن يقبله.
فالمتهم الحقيقي الخليفة نفسه لتمتعه بنسبة عالية من الغفلة وضعف تقدير المواقف!!
سراة القوم منهجهم خطيرُ
إذا ساء المقرّب والخبيرُ
لغفلتهم حياة الناس تطوى
بصولات يدبّرها الصغيرٌ
إذا نالت نفوس السوء حكما
فأن فسادها فيها الأميرُ
***
د. صادق السامرائي