أقلام حرة

صادق السامرائي: الواقعية الثقافية!!

الواقعية الثقافية تعني إتخاذ موقف عملي مبني على الحقائق ومتفاعل مع عناصر الحياة بعيدا عن الخيال والأوهام.

الكتابة بواقعية دون المثالية والإستعلائية والإندساس بالنخبوية، من ضرورات التفاعل الحيوي مع المجتمع وتأمين قدرات التأثير والتغيير.

الكتّاب في الدول المتقدمة يكتبون بلغة جماهيرية، ويتناولون قضايا تهم المواطنين، فيمعنون بتحليلها وتوضيح أسبابها وطرح المعالجات التي يرونها ناجعة.

فالقارئ يفهم المكتوب ويستفيد منه ويتعلم مهارات، ويستحضر أفكارا ذات قيمة إيجابية، تساهم في صناعة حاضره ومستقبله.

أما الكتّاب في المجتمعات المتأخرة والدول المسلوبة الإرادة، فيتخبطون في معتركات الرمزية والغموضية، ويجيدون النقل الأعمى والإستنساخ المبهم، ويكتبون بلغة معقدة ينفر منها القارئ ويتوهمون بأنهم من النخبة وهم يخاطبون بضعة أفراد في علياء خيال.

وهذه معضلة تعطل التواصل بين أبناء المجتمع، وتساهم في تنمية أعداد ضحايا الدجل والضلال والبهتان، وصناعة القطيع المرهون بالسمع والطاعة، للذين يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم، ولأصحاب الكراسي وإمعاتهم، والمبوقين بمدحهم وتنزيههم من المفاسد والموبقات، وهم أشر مَن جلس على كراسي تقرير مصير الشعوب.

الكتابات الإيهامية تنشر الوهم وتعزز الغفلة، وتصيب الناس بالنوام، فهي كالدواء المخدر الذي يتسبب بإنقطاع الشخص عن محيطه، وتدع الطبيب يفعل ببدنه كما يشاء.

الكتابة فن التخدير والتضليل بالكلمات، فأما أن تكون بلسما أو سما مدسوسا بعسل العبارات.

فهل من قدرة على الكتابة بمداد الواقع، لإستنهاضه وتحرير الشعوب من المستعبدين بأنواعهم؟

إذا كتب اليراع لنا مقالا

أزال الصدق أو أحيا ضلالا

فهل سطر الزمان بها أصيلا

وهل عشنا وأنبتنا الجميلا

بلاد العرب تأكلها الخطايا

وصوت مرادها أضحى محالا

فلا تكتب بلا أملٍ وعزمٍ

وجرأة عقلنا صارت وبالا

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم