أقلام حرة
جودت العاني: نسخة من الفوضى الخلاقة..!!

الفوضى الخلاقة هي اشعال فوضى متعمدة تستمر عقداً من السنين ، من اجل تكريس حالة سياسية اجتماعية تضمن مصالح دولة عظمى في منطقة الشرق الاوسط قادتها " كونداليزارايس" وزيرة الخارجية الاميركية السابقة قبل غزو العراق.
وتعود سياسة الفوضى هذه للفيلسوف (روبرت نوزك)، والتي تشكل أفكاره المزعومة، قاعدة لتغيير العالم وتفكيك المجتمعات والمؤسسات وتبديل قيادتها بفئة متنفذه وثرية يقودها ويحتكر حركتها التيار المحافظ، ممثلة بمشروع 2025 .
ان صعود التيار اليميني المحافظ في اميركا يعني سيطرة الاغنياء والأثرياء والمتنفذين على مقدرات الدولة، أي وضع كل الامكانات الاميركية في خدمة الشركات الاحتكارية وتحجيم المؤسسات وستبدالها باخرى تمتلك الحد الادنى من الصلاحيات ، فضلا عن خفض الضرائب عن الشركات وخفضها عن ارباح رؤؤس الاموال وعن الرعاية الاجتماعية والطبية وازالة التقييدات عن استخدام الوقود وتشديد القيود على الهجرة ونشر ثقافة (الجندر) والتفسخ والاجهاض، أما السلطة التنفيذية فتخضع للرئيس .
التحول في ظل حكم البيت الأبيض الراهن جذري على وفق فلسفة روبرت نوزك ومضمونها (الفوضى والدولة واليوتوبيا) وهو مشروع يميني يعود لعام 1974 والمراد تأسيس هياكله في عام 2025 .
(الاقتصاد أولا أو أميركا العظيمة أولا) هو شعار يرمي إلى إخضاع كل ما يلزم الأمر من سياسات الدولة الأميركية للاقتصاد ليتصدر قائمة الاهتمامات في ظل فلسفة مشروع اليمين المحافظ وكأن التاريخ يعيد نفسه لعام 1974. فقطع (280) مليون شجرة عملاقة لأجل تجارة الأخشاب على حساب البيئة مثلا ساطعا لاختلال التوازن في التفكير بين العقلية التجارية والعقلية الواقعية الإنسانية.!!
ولما كان الاقتصاد اولا فأن الاهتمامات الاخرى تصبح ثانوية من اجل تكديس رأس المال .. والتساؤل في هذا المنحى: هل كل شيء في الدولة هو الاقتصاد؟ صحيح ان تحرير السياسة يقتضي تحرير الاقتصاد وقبل كل شيء يتوجب تحرير المفاهيم السائدة وتشذيب الشوائب المتراكمة العالقة عبر الازمنة الغابرة.
الحياة ليست كلها اقتصاد وليست كلها مضاربات وصفقات، إنما الحياة ثقافة وقيم واعتبارات، فالعقلية الاقتصادية لا تنتج سوى الربح والخسارة ، لذلك يفترض ان يرضخ الاقتصاد للسياسة لا أن يقودها كما يحدث الآن في الدولة العظمى . وكما تنتج السياسة تخطيط يعبر عن مشاريعها المستقبلية، فإن السياسة تتوخى الانزلاق نحو مخاطر عدم تقدير الموقف عكس ما تجازف به حكومة الاقتصاد دون اخذ حسابات السياسة وبدائلها وخياراتها بنظر الاعتبار .. فالمعادن النادرة الثمينة باتت تتاجر بها رئاسة أميركا وتساوم خصمها عليها وهي معادن ملك غيرها، الامر الذي اثبت ان (حكومة الاقتصاد الأميركية لا تمثل حكومة السياسة الأميركية) إذا جاز التعبير، لأن الحكومة السياسية لها حساباتها أما حكومة الاقتصاد فهي بدون حسابات سوى حسابات الربح والخسارة والمثال هو المعادن النادرة التي تعود ملكيتها لشعب دولة أخرى.!!
***
د. جودت صالح
8 / آذار- 2025