أقلام حرة

ثامر الحاج امين: عندما تحير النائحة

النفاق صفة ذميمة، والمنافق شخص خبيث ومنبوذ لأنه يتسبب بمشاكل اجتماعية عديدة من بينها نشر الكراهية والفرقة بين الأطراف المتحابة وكذلك تخريب العلاقات وتهديم الأسر، ومهما تعددت وجوه النفاق الا ان جميعها تنتهج الغش والخداع والزيف طريقا لتحقيق الهدف، وأشد الناس نفاقا هو الذي يستغل احوال الناس وعواطفهم وظروفهم الاستثنائية فيمرر نفاقه من خلال حلو الكلام والأكاذيب المنمقة وهو ما تفعله وتشتغل عليه ما تسمى بـ (النايحة) او العدادة وهي المرأة التي يستأجرها ذوو الميت للنواح على الفقيد في محفل الجنازة، وسميت بالعدادة لأنها تعدد المناقب والصفات الجيدة لدى الميت فان لم تجد في سيرته صفة حسنة فأنها تبقى حائرة في البحث عن صفة كي تذكرها لترفع من شأنه، وفي هذا المأزق قيل المثل (تحير النايحة شتعدد وشتدكول). والنايحة ومن أجل زيادة العطايا التي يجود بها القائمون على مجلس العزاء فأنها تلجأ الى اظهار سجايا واسباغ صفات عظيمة على الميت هي غير موجودة لديه أصلا، فالنائحة تستعير اكرم الصفات وتلصقها بالفقيد وتصفه بالفارس الشجاع وصاحب المواقف العظيمة في الكرم والهيبة الشامخة بين الرجال مثل قولها (يبو حچي العدل يل تعدل الديوان) والميت كان في الاصل منغوليا، وايضا تلك التي تنوح على الميت الذي لم يدخل المدرسة في حياته بقولها (كتبك والشهايد وين اوديها) .

الذي قادني لموضوع النايحة هو اعلان صدور كتاب عن تجربة سياسي عراقي رفيع يمثل خلطة سياسية غريبة عجيبة، اذ تساءلت مع نفسي بأي كلام تمكن مؤلف الكتاب من حشو كتابه الضخم والعراقيون لم يعرفوا عنه غير انتهازيته وتقلباته السياسية وشهد عهده ابشع الجرائم التي ارتكبتها عصابات الجريمة بحق شباب العراق، أرى ان المؤلف عاش حيرة النائحة فلم يجد وسيلة لإتمام منجزه سوى تسطير مناقب وبطولات يعتقد انها سوف تنطلي على العراقيين الذين يرون فيه اكبر مهزلة قذف بها التاريخ في المشهد السياسي العراقي.

***

ثامر الحاج أمين

 

في المثقف اليوم