أقلام حرة

شاكر عبد موسى: النزاهة من المهاتما غاندي الى نور زهير

حدثت الثورة الفرنسية عام /1789، وتم استئصال الدين من فرنسا، وفصله عن الحياة اليومية واقتصاره على الكنيسة، كذلك بدأت بفصل السياسة عن الدين، وبين الدين والأخلاق والاقتصاد والعلوم والفن والحكومة، تم فصلهم عن الحياة اليومية وفصلوا جميع جوانب الحياة.

ولا تكتفي – العلمانية الأوربية – اليوم بفصل هذه القضايا عن الدين، بل تعتبر أن الدين مبني على أساطير وأوهام وخرافات، يستغله الكهنة وصغار رجال الدين، ويعارض التقدم والتجديد والحضارة.

وهكذا أنشأت الثورة الفرنسية عنصراً علمانياً في الحضارة الغربية، والذي أصبح رصيدها الأساسي وتجلى في محورها الفكري الرئيسي، «العلمانية». وهذا هو العداء للدين، ومحاربة الدين، وتقييد الدين، وحصر الدين في الكنيسة وعدم التأثير أو التدخل في كل أمور الحياة الأخرى، مثل الاقتصاد والعلم والأسرة والمجتمع وغيرها.

وبعد ذلك، انتشرت وتجذّرت مبادئ الثورة الفرنسية المتمثلة في فصل الدين عن السياسة، وحصر الدين في الكنيسة وعدم التدخل في شؤون المجتمع، انتشرت العلمانية في جميع أنحاء أوروبا خلال الفترة القصيرة للثورة الفرنسية.

هذه الثورة التي مر عليها 235 عام غيرت أوربا والكثير من دول العالم وجعلت من أوربا مركز أشعاع فكري حتى يومنا هذا.

ومن خلال مسيرة حياتنا الطويلة نجد في عالمنا العربي والإسلامي الكثير من رجال الدين يتدخلون في السياسة واقتصاد البلد ومسيرته الاجتماعية والثقافية، وقد سرق البعض منهم أموال الشعب وهرب بها الى الدول العلمانية ليترفه بها هو عائلته الكريمة.

وبما إن كافة العلوم بما فيها علوم الاقتصاد والعلوم الاجتماعية لها نظرية تسمى "الإنتاج البشري" التي يتم طرحها لتفسير وتحليل ووضع الحلول للمشكلات التي تدخل في نطاق اختصاصها.. لكن هذه النظريات ليست «ثابتة» بل «متحركة» نتيجة تطور العقل البشري عبر الأجيال، ولذلك تعقد "مؤتمرات" كل عام أو كل بضع سنوات لمناقشتها وإضافة تطورات جديدة.

"لكن" عندما يتعلق الأمر بأمور الإسلام، فهو "ثابت وغير قابل للتغيير"، ورجال ديننا البارزون يعتقدون أننا يجب أن نعيش كما عاش أسلافنا الصالحون، ونفكر كما كانوا يعتقدون، ويريدوننا أن نعمل كما كانوا يعملون.. لذا، ما لم تحدث معجزة، فإننا نقف على موقفنا ونعلم أننا سنبقى على هذه الحالة إلى يوم القيامة!.

لاحظ أن الله قد جعل كتابه الكريم "يُفسَّر من جيل إلى جيل" ولا يعلم تأويله إلا الله". ولذلك، فإن جميع تفسيراتنا للآيات القرآنية يجب أن تكون "متغيرة جيليا" ونسبية في المعنى.. فالصلاحية تعتمد على تطور العقل البشري.

ونتيجة لكل ما قلته أعلاه، أعتقد أن غالبية المسلمين لا يعرفون الدين كما أراد الله، وللأسف فإن القائمين على الدين، الذين نسميهم "أهل الدين والعلماء"، يسعون لتحقيق أهدافهم الخاصة، ويغيرون بوصلة المجتمع حسب اتجاههم ونواياهم، ولكن أغلبهم بعيد كل البعد عن معنى رسالة الله، ولذلك يصبح الدين معتمداً على قصص وأساطير رجال الدين، ويُترك كتاب الله على الرف.

فمتى تحدث فينا ثورة فرنسية ولكن بطراز وطني أصيل تبعد هؤلاء من التدخل بالسياسة وأمور الاقتصاد، وتعيدهم الى مرجعيتهم الدينية التي ولدوا فيها، بعد أن فروا منها والتحقوا بدهاليز السلطات الثلاث؟.

وتحاسب (نور زهير جاسم المظفر) رجل الأعمال العراقي، ورئيس شركة المبدعون وشركة القانت للخدمات النفطية، والمتهم الرئيسي بقضية سرقة الأمانات الضريبية المعروفة بـ " سرقة القرن " ورفاقه المشاركون!.

يحكى ان غاندي كان يجري بسرعة للحاق بقطار

وقد بدا القطار بالسير.

وعند صعود القطار سقطت من قدمه احد فردتي حذائه.

فما كان منه الا خلع الفردة الثانية.

وبسرعة رماها بقرب الفردة الاولى على طريق القطار.

فتعجب اصدقاؤه !.

وسألوه: ما حملك على ما فعلت؟ لماذا رميت فردة الحذاء الاخرى؟.

فرد غاندي: أحببت للفقير الذي يجد الحذاء ان يجد فردتين فيستطيع الانتفاع بهما، فلو وجد فردة واحدة فلن تفده، ولن استفد انا منها أيضا.

***

شاكر عبد موسى/ العراق

باحث وكاتب

في المثقف اليوم