أقلام حرة
صادق السامرائي: الإستهلاكية!!
إستهلك: إستنفد، أفرغ
مجتمعاتنا لم تنتج أصيلا، وإستحضرت ما أنتجه الآخرون، وتوهمت بأنه يتوافق ومسيرتها المعرفية وإرثها الذوقي والإدراكي.
وإنطلقت مفاهيم غريبة منذ بدايات النصف الثاني من القرن العشرين، لا تزال بعيدة عن التمثل والقبول والإنهضام، وتحولت الإبداعات بأنواعها إلى كينونات صومعية نخبوية منقطعة عن نهر الأجيال الجاري من منابعه الدفاقة المعطاء.
إستنساخات وإستحضارات لأساليب ونتاجات وليدة واقعها الإبتكاري الصناعي التكنولوجي، المتسارع الإضافات والمؤسس لآليات حياتية تستدعي التناغم معه، ومواكبة كينونته الفيحاء.
أنماط إبداعاتنا المتنوعة أصيبت بوباء الحداثة الضبابية المشوهة البهماء، فغدت تخاطب القلة المتوهمة بالجديد، المعبأ بالغموض والرموز والإبهام الثقيل الداعي للنفور والإهمال، وعدم الرجوع إلى منطلقات الذوق المتوارث السليم.
وتجدنا أمام الإصدارات المركونة على الرفوف أو أرصفة الطرقات، وبعضها في سلال المهملات، وأصحابها يتصورون بأنهم أبدعوا الأصيل، وما سطروه إضطرابات أفكار وهلوسات يراع مألوس، يقبض على وهم الحداثة والتجدد وكأن الإبداع سيل كلمات وركام عبارات.
لو تصفحنا ما يسود على صفحات التواصل الإجتماعي، لتبين أن ما يسمى بالحداثة لا مكان له إلا فيما ندر، وتطغى على المنشور إبداعات متعارف عليها منذ قرون.
فهل يمكن مقارنة ديوان كعب بن زهير أو غيره بما يسمى بدواوين الحداثويين؟
لماذا بقيت دواوين الغابرين، وماتت دوواوين المعاصرين قبل موتهم؟
إنها معضلة الذوق السليم المتوارث المكين!!
***
د. صادق السامرائي