أقلام حرة

صادق السامرائي: الإدْلاء!!

الإدْلاء من دلو، وكل يدلو بدلوه ليغرف من بئر الويلات، ويسكبه في نهر الحياة الصاخب، فتختلط الأشياء وتضيع الملامح، وتنطمس العلامات الفارقة، ويشرب التراب عصير الملمات.

يكتبون، وعلى المنابر يصدحون، ويقولون ما يقولون، ولن يدوم إلا ما ينفع الناس وتأنس به الأرض، وغيره يذهب جفاءً.

فلماذا التأوف والتأفف من سيل المنشورات الدافق، دع الزهور تتفتح، والقادرة على بث عطرها ستبقى، والتي تذبل وتذوي ريحها ستندثر، فتلك طبيعة الأشياء وديدن الدوران والإنطلاق.

الأيام "تغربلنا"، وتعرينا، فلا خوف من المكتوب والمنطوق، فالزمان حَكم عادل، وغرابيل العصور تعزل الغث عن السمين، والباقيات أقل من الذاهبات، فالكثرة توجد القلة المتميزة، وكلما زاد العطاء برزت الطاقات الأصيلة القادرة على الحياة.

أتعجب من الذين ينزعجون من كثرة الإبداع وتنوعه، مهما كانت مستوياته، وكأنهم ينحسرون في زوايا حادة، ويحسبون كل شيئ يجب أن يكون جيدا، وهذا منافي لطبيعة الأمور، فنهر الحياة ليس زلالا صافيا، بل تختلط فيه الأشياء وتتمازج، ويشذبها الجريان.

المكتوب والمنطوق يعبّر عن المطمورات الفاعلة في النفوس، ويتعرى أمام شمس الألباب فيعرف مصيره ويستيقظ من غفلته وأفونه، وما أكثر الذين إستعادوا رشدهم بعد أن فقؤا دماملهم المتقيحة في دنياهم، فالدمامل لا بد لها أن تنفجر ليستريح صاحبها من ندسات أوجاعها.

فاطلق ما عندك ولا تتردد، وضعه تحت أضواء الآخرين، لتكتشف الخطأ من الصواب.

فهل لديك الجرأة على إندلاق ما فيك؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم