أقلام حرة

صادق السامرائي: أفكارنا المرفوفة!!

مؤلم أن ترنو إلى مئات الكتب المحشوة بالأفكار، وهي مرفوفة صامتة متكومة كأنها الركام.

كتب من إنتاج أجيال متعاقبة في القرن العشرين، وضع فيها مفكرون عديدون أفكارهم المبثوثة في مشاريع، كل منهم يرى أن مشروعه هو البلسم المشافي للأمة مما هي عليه من سوء حال ومآل، وما أثرت أفكارهم، بل إنضوت في كتب خرساء، وصارت المسافة بعيدة بينها والأجيال المعاصرة، بعد أن هيمنت وسائل التواصل الحديثة.

مفكرونا ومنذ نهاية القرن التاسع عشر يشتركون بأنهم قاموا بدور الصدى لما جرى في أوربا، وما وجدنا فيهم مَن تفاعل مع الواقع وإستولده أفكارا ذات قيمة عملية وقوة تأثير وتغيير.

وهذا يعني أن مجتمعاتنا لم تمارس الحياة في مكانها وزمانها، وتحقق تقهقرها وإندحارها في الغابرات، تعويضا عن مراوحتها المأساوية في أوحال الفراغ، والتدحرج في وديان التبعية والدونية وفقدان الثقة بالقدرة على صناعة الحياة الحرة الكريمة.

فهل وجدتم أفكارا مستحضرة من عوالم الآخرين تصلح لمكان وزمان مغايرين؟

أوربا أفكارها تراكمية وأنجبتها تفاعلات متصلة، فكانت ذات قيمة عملية في ديارها، أما أن نستجلبها ونفرضها على واقع آخر، ففي ذلك عدوان وإضطراب مدمر وخطير.

وهكذا فمجتمعاتنا تعيش في مراحل تشويش وتيهان، مما وفر الظروف المواتية للمفترسين للنيل منها والإستحواذ على مصائرها.

فهل أن مفكرينا يفكرون؟

السلوك الصدوي لا يدل على تفكير أصيل، بل يشير لمحاولات تقليد، ذات درجة عالية من الفشل والخياب، وهذا ما جرى في واقعنا على مدى القرن العشرين.

فهل من ولادات فكرية من رحم واقع مجتمعاتنا، لنكون ونستعيد جوهرنا الحضاري؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم