أقلام حرة

جودت العاني: الكلمة الطيبة صدقة..!!

قال أخي الصادق ان (الكلمة السيئة قنبلة) اعدت للامة منذ ازمنة غابرة ولا زالت شظاياها ودويها وغبارها واشعاعاتها ومفعولها الذي يبدو لا علاج له، قاسية وتراكمات نتائجها تمنع الامة من الحركة وحتى التنفس.

الكلمة السيئة كما قالها الصادق لم تأت الى الأمة من زاوية واحدة ضعيفة أو من ثغرة أو من جهة مترهلة أو من موضع معلول أو كسيح، إنما جائتها من كل الجهات الأربع ومن تحتها وفوقها غضباً او إشتهاءاً.. فلماذا العداء للأمة بالكلمات القنبلات اللأتي يتفجرن كل يوم وفي كل جهة؟

منذ ما قبل الأسلام، كانوا يكرهون أمة العرب ويتمنون محقها. ومنذ ما بعد الأسلام باتوا يعملون على طمسها وإذلالها وتدميرها ونهبها ومسح هويتها وعمل البعض على اغتصابها في احضانهم وتجريدها من وطنيتها أو قوميتها بعد طمس مقوماتها.

لماذا أمة العرب؟

لماذا اختار الله سبحانه وتعالى أمة العرب لينزل عليها القرآن الكريم؟ لماذا لم ينزله على أقوام الروم والبيزنطيين والساسانيين وأقوام ما وراء العصور؟

لماذا اختار الله أمة العرب؟ لأنها كانت تؤمن بمنظومة القيم التي لم تكن موجودة لدى أمم أخرى (الاخلاق – إنك لعلى خلق عظيم – والعدل والانصاف والشهامة والكرم والشجاعة والإلتزام بالعهود وبقوة الحق).. حباها الله بهذه القيم، فجاء الإسلام فشذب مساوئها (وئد البنات، والجواري، وبيع وشراء العبيد وشرب الخمرة والربى.. إلخ) وباتت قوية في انتشار رسالتها الحقة الخالية من الهيمنة والاذلال والاستغلال والطغيان والداعية الى الرحمة والعدالة والانصاف بين الناس والشعوب.. فلماذا توجه الكلمات السيئة كالقنابل نحو الأمة؟

لا يريدون وحدة الأمة، ولا يريدون اتحادها، ولا يريدون ترابطها اجتماعيا ولا اقتصاديا ولا ثقافيا، ويرفضون تواصلها وتكاملها وتفاعلها ويحطون من قيمتها وقيمها وماضيها وحاضرها  ويشيعون ما يفسد فيها ويحط من قدرها ويشجعون على تفسيخها.

الغرب يمنع وحدة امة العرب والشرق يمنع وحدة العرب، والعرب لا يريدون وحدتهم، فمن يريد وحدة العرب غير الشعب العربي المغلوب على أمره بالتجويع والتركيع والتهجير والإضطهاد.

ايها الصادق، الكلمة السيئة قنبلة.. نعم، وكأني أراك تقول بصدق  إن الكلمة الطيبة حسنة.. فكيف تُصَد السهام، وكيف تبطل القنابل الموجهة نحو الأمة من كل جهاتها؟ وتبطل الحجج التي يسوقونها كذبا ودجلا، أن أمة العرب لا تقرأ ولا تكتب، وقلت انت ايها الصادق، كلا إنها تقرأ و تكتب وتتفاعل مع عصرها، وصدقت في ذلك وألقمت هذا البعض حجرا.. وقالوا إن أمة العرب غير منتجة ومصيرها العدم، ولم يتحدثوا عن حقبة الاستعمار الذي قسم وفكك وعبث ونهب ودمر وبنى عواصمه من ثروات الشعوب التي نهبوها، وصمتوا كصمت القبور.

***

د. جودت صالح

31/ تموز- 2024

 

في المثقف اليوم