أقلام حرة
حسن شنكالي: ليت الزمن توقف!
في مخيلة كل منا صورا "رائعة من الذكريات على شكل شريط سينمائي يمر كلمح البصر كلما أعدنا تشغيل زر الذاكرة للماضي الجميل الذي عشناه في ثنايا مدينتنا الحبيبة شنكال (سنجار) في كل زقاق وحارة ومحلة وشارع حتى غدت جزءا "لا يتجزء من حياتنا بعد أن ذقنا مرارة الغربة وآهاتها لأننا عشنا في كنف مدينة ضربت أروع صور التعايش السلمي والتعاون والإلفة والمحبة والإخاء بين جميع مكوناتها دون تمييز .
ليت الزمن توقف وتحطمت عقارب الساعة عند تلك اللحظات والساعات عندما تدخل سوق شنكال (سنجار) ينتابك شعور مفعم بالفخر والإعتزاز بإنتمائك الى أروع مدينة كونها تشكل عراقا "مصغرا" بتنوعها الإجتماعي من خلال ما يصادفك الإيزيدي والمسيحي والمسلم والكوردي والعربي مع حفظ الالقاب والتقدير لجميع عشائرنا الأبية من كل حدب وصوب لتشكل لوحة فسيفساء رائعة كحديقة غناء متنوعة الأزهار بتعدد الوان الطيف الشمسي متعايشين متحابين يجمعهم حب الوطن ويفتخرون بشنكاليتهم (سنجاريتهم) كل حسب طريقته .
ليت الزمن توقف عند تلك الأيام التقليدية للحياة الساذجة والمتينة بعلاقاتها الإجتماعية والتي إتسمت ببساطتها وعفويتها وصفاء النيات ونقاء القلوب المليئة بالمحبة بعيدة عن عصر العولمة والفضائيات والتكنولوجيا والثقافة المزيفة والتي عاثت في الأرض الفساد من خلال الإستخدام السيء لمواقع التواصل الإجتماعي من قبل البعض في الوقت الحاضر .
ليت الزمن توقف كي لا نشهد جرائم عصابات داعش الإرهابية من خوارج العصر التي أثخنت جراحات أهلنا وأخذت مأخذها من الرجال والنساء والأطفال والشيوخ في سابقة لم يشهدها التأريخ المعاصر في بشاعتها على أيدي أعتى منظمة إرهابية تحت يافطة الدين والدين براءمنهم كبراءة الذئب من دم يوسف وأتمنى أن نمحو تلك الصفحة السوداء من ذاكرتنا على أن تظل صدى جرائمهم وصمة عار في جبين الإنسانية على مدى الدهر وتبقى شنكال (سنجار) في أبهى صورها المستمدة من عبق ماضيها الزاخر بتأريخها والحضارات الإنسانية التي عاصرتها وإمتدت لأكثر من ثلاثة آلاف سنة خلت والتي زرعت في نفوسنا تلك العادات والتقاليد الإجتماعية التي نحسد عليها وتوارثناها جيلا"بعد جيل .
ليت الزمن توقف حتى لا نعيش عصر الديمقراطية المزعومة والمستوردة من خارج الحدود ولا نشهد المضاربات والصراعات السياسية على مدى السنوات العجاف من تأريخ العراق بعد عام 2003 والتكالب على المناصب السيادية وتقاسم الكعكة بين المشاركين في العملية السياسية وتفشي الفساد في مؤسسات الدولة الهزيلة والشعب يعاني الويلات من سوء إدارة الدولة من أجل مصالحهم الشخصية ضاربين مصلحة الوطن عرض الحائط وكأن الشعب في واد والحكومة في واد آخر.
وختاما"أقول كما قال الشاعر العباسي أبو العتاهية
فيا ليت الشباب يعود يوما
فأخبره بما صنع المشيب
***
حسن شنكالي