أقلام حرة
صادق السامرائي: الكتابة على وجه الماء!!
من الكتاب الذين قرأت معظم إن لم أقل جميع كتبهم (عباس محمود العقاد، توفيق الحكيم، طه حسين، يوسف إدريس، محمد حسنين هيكل) وآخرون.
وعندما أعود إلى ما قرأته في مرحلة الصبا، أجده خارج العصر، ولا يصلح للقراءة في القرن الحادي والعشرين.
أمامي مؤلفات العقاد، وطه حسين، ولا أجدها تتوافق وإيقاعات ما نحن عليه، وتبين أن لكل فترة زمنية مفرداتها، وإيقاعاتها التعبيرية، فما أنتجه العرب في القرن العشرين، ربما سيذهب مع الريح في القرن الحادي والعشرين.
ذلك أن الكتابة الحقيقية مرآة عصرها، وتجدني أمام كتب إبن سينا والرازي في مأزق، لأنها تحتاج لمعاجم لمفرداتها، وعباراتها متواكبة مع عصرها ولا تعرف عصرنا.
فالأجيال تعطي ما ترشح فيها من أوعية الزمان والمكان، ولا يوجد ما هو خالد ما دام البشر ليس بخالد، والإبداع إبن البشر لا إبن غيره، فما يبدعه البشر إبن عمره.
وعندما يموت البشر يذبل ما قدمه، ويموت بعد حين، مع أن البعض يرى غير ذلك، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالشعر بوصفه الكلام الخالد.
فما نكتبه اليوم لا معنى له في تيار التدفق المعلوماتي الفياض، الجاري في أروقة الحياة الذي يسقي أيامها بالجديد.
يبدو أن عمر الإبداع سيكون أقصر من أعمار إبداعات القرون السابقات، كما أن نسبة المقروئية ستتضاءل لكثرة المطروح للقراءة، فالكتابات أصبحت مبتذلة، والسطور محشوة بما يحلو لمن يكتب وينشر بسرعة غير معهودة.
في السابق كان المنشور ينتظر أسابيعا وأشهرا ليظهر في صحيفة ، أما اليوم فبسرعة البرق يصل إلى الموقع الذي يراد له أن يكون على صفحاته.
هذه الدوامة العارمة أوجدت شعورا لدى الكتاب بأنهم يكتبون على وجه الماء، والتماحي قوة قاهرة، تزيح الموجود وتأتي بجديد آخر يتأهل للإنمحاق الأكيد.
وهكذا نحن في دوامة دوران ناعورية شديدة العنفوان، لكنها تروي لباب الرؤوس وتملأ النفوس بطاقات تدفعها إلى واقع جديد.
فهل نَكتُبْ أم نُكتَب؟!!
***
د. صادق السامرائي