أقلام حرة
وسائل الإعلام ..سرعة التجديد والمخاطر
وسائل الإعلام غدت وسيلة هامة وشديدة التأثير في صياغة وبلورة الرأي العام وفقا لنظريات سياسية وثقافية محددة ومن أهم العناصر في المجتمع الإنساني وهي موجودة منذ أزمنة بعيدة ولكن بطرق وأشكال متباينة، وفي غمار ما نمر به من أحداث واضطرابات وموجات من التأثيرات في وقتنا الحالي أدرك كثير من الناس الفارق الكبير بين كيفية ادارة هذه الوسيلة قديماً وحديثاً، ولعل هذا هو الدافع وراء طرح موضوع يعبر عن وسائل الإعلام الحديثة والقديمة بالعناصر و تعتبر هذه الوسيلة بالفعل اهميتها كبيرة في المجتمعات وذلك لانها تعمل على نقل الصورة عن الكثير من الأمور في المجتمع ان كان المجتمع المحلي والدولي وتعمل ايضا على تنوير الرأي العام بخصوص العديد من القضايا الهامة وهناك انواع كثيرة للاعلام مثل الاعلام المسموع والاعلام المرئي والإعلام الالكتروني والاعلام المقروء والإعلام الجديد يتسم بالسرعة في التغيير والتجديد، ولا يقف على أسلوب وحيد، كما أنّ الإعلام التقليدي أصبح اليوم أقل شعبية وأقل احترافية.
ان وظيفة الإعلام هي رفع الوعي والإدراك وتغيير السلوك، وأصبح دوره كعملية اتصال يتكون من ستة عناصر لأي خطاب وهي: المرسل الذي ينشئ، والرسالة التي هي مضمون الاتصال "النص"، والمتلقي وهو هدف الرسالة "الجمهور"، والرمز وهو الطريقة التي يتم بها إعداد الرسالة، إلى جانب أداة الاتصال، وهي الوسيلة المستخدمة، ويرتبط ذلك بالسياق العام، وهو ما يساعد في فهم الرسالة على نحو أفضل من جانب المجتمع،
بلا شك أن وسائل الاعلام لها من الفاعلية الحاسمة في توفير المعلومة في الوقت الحالي والتي تصنع القناعات عند الجماهير سيما لها الدور بالدور الأهم في صياغة الصورة وتعديلها بما يخدم وجهة النظر التي تسعى لنشرها، كما أن لها أيضا دورا أساسيا في بلورة السياسات وصياغة القرار السياسي، عبر الأخبار والمعلومات التي يروجها الإعلام في هذا الحدث أو ذاك خاصة في ظل التحولات والتطورات التكنولوجية المتطورة في الاتصالات حيث الأقمار الصناعية واستخداماتها الايجابية وكذلك السلبية التي تقوم على خلق تشوهات وإفراز إشكالات خطيرة تؤثر في وعي الجماهير ومواقفها السياسية من الأحداث. حينما تندلع الازمات غالبا في مناطق الهشاشة والبؤس تنهار المؤسسات في تعبئة الوسائل الإعلامية لمتابعة الأحداث تلك تحت مسميات مختلفة او مظلة حزبية أو من زاوية نظر طائفية، أو تنفيذا لأجندة دوائر اقتصادية أو سياسية أو أيدولوجية و تتحول المنطقة المنفجرة إلى وجهة جاذبة لكبريات وسائل الإعلام المتصيدة التي تحوّل الحدث المحلي إلى شأن اكبر مهما كانت مساحة الحدث، والتي تثير تغطيتها انتقادات من نوع آخر أو آليات دعائية لفرقاء النزاع، تغذي الانقسام والكراهية. في المقابل، كشفت دراسات عديدة عن الطابع التبسيطي للتغطيات الدولية للأزمات التي عرفتها مناطق في إفريقيا وآسيا ووسط وشرق أوروبا. تغطيات تغذي المخيال الغربي البعيد عن حقائق النزاع، وتقدم وجبات دموية جاهزة لصناعة الإثارة، وتنزع إلى تقديم النزاعات الأهلية في صيغة صدام مسدود الآفاق. هذا دون إغفال الارتباطات التي تسم علاقة الإعلام الدولي بالقوى الدولية التي ينتمي إليها، في نقطة هي الأكثر خطورة للتأثير على المعنويات، يتم الحفر عميقًا في أساليب أكثر تأثيرًا لتبني سلوك معيّن، وهي تقنيات تذهب أبعد من إطلاق المعلومات الكاذبة واستخدامها في سياقات مضللة، حيث ينتهي دور الإعلام بمعناه الاصطلاحي كناقل للخبر أو ناقل للواقع كما هو، إلى إعلام يتم تأطيره وتوضع له أجندات ويمارس فيه التعتيم والتضليل أو الإغراق على مبدأ غوبلز أي التكرار والكذب حتى يصدق الناس وقد برز دور التضليل من خلال التحليل كأداة أساسية في الاستراتيجيات الإقناعية، وأصبح عدد المحللين حول العالم أكبر من عدد المراسلين، بل أصبح ثمة حاجة إلى أن يصبح المراسلون محللين بدورهم لتكتمل وجهة النظر المطلوبة وليس الصورة. ومن خلال التحليلات تنطلق الرسائل الموجهة على المدى الطويل " سوأً كانت منصات مواقع التواصل الاجتماعي والصحافة والقنوات التلفزيونية الاخرى" .
ان اي نهج اعلامي يتسم بالخلل والتشويه والتحريض بشكل عام على المناطق التي تواجه مشكلات خاصة يتطلب من كل مواطن حريص و واع مدرك لابعاد هذه الحرب الإعلامية ان يوعي حقيقة أهدافها والقيام بتعرية هذا الإعلام الحاقد وكشف نواياها المعادية، لقد تطور الإعلام في فكر التنظيمات المتطرفة، وذلك تبعا للتغير الحاصل في التطبيقات التكنولوجية، والتي أثرت دون شك في نمو واتساع تأثير ظاهرة التطرف والتشدد والإرهاب ولعل أهمها فرصة الالتحام بشكل مباشر مع الجمهور المستهدف من الشباب، وتعزيز فرص التجنيد والتعبئة والتأثير فيهم ومن خلالهم، وتوفير منصة إعلامية غير مسبوقة ورخيصة التكلفة، وإمكانية قبول مساهمات من أعضاء عابرين للحدود،الذي يتطلب من الجميع إدراك حقيقة هذا الإعلام والتوقف عندما ينشر ويبث من إشاعات والتحريض للنيل من كان من كان أو ذاك ونخص بالذكر هذه الأيام الشعوب المتمسكة بالثوابت الوطنية والقومية والمدافعة عن قضاياها، مثلما يتطلب من الجميع تمحيص الأخبار والتصدي للتزوير وفضح ابعاده وعدم السقوط في خديعة هذا الإعلام الضال والمضلل، و وسائل الإعلام هي الكيان الأقوى على وجه الأرض لكونها لديها القدرة على جعل المذنبين أبرياء وجعل الأبرياء مذنبين، وهذه هي السلطة؛ لأنّها تتحكم في عقول الجماهير.
***
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي