أقلام حرة
حميد طولست: البخل حتى بالتعليقات !
كم هو مؤسف أن يبخل بعض أصدقائك بالتعليق على ما تنشر على مواقع «النت » وصفحات الفيسبوك من قيم الإبداعات ونير الانتاجات، في الوقت الذي تتلقى فيه الالآف منها من قراء غرباء، إنه والله لأمر محير يدفع للاستغراب والتساؤل عما يمنع الأصدقاء والمعارف من القيام بذلك الفعل البسيط الذي يشع الكاتب ويزيد من إبداعه، أهو الغرور الذي يتلبس بعضهم ؟ أم هو الترفع والتعالي ؟ أم هو الاعتقاد بأن ما تكتبه غير جدير بالتعليق، وأن مكتوباتك مجرد سفاسف وتراهات لا ترقى لسعة علمهم وعلو مقامهم، فلا يتواضعون للتعليق .
على كل حال،لا تقلق أيها الفاضل، وألجم قلمك عن معاتبة أي كان على إستطابته البخل بتعليقه على ابداعاتك، مادام شحه ذلك لا يستحضر عنصر الإحقتار لها ولك، وسامِح خطأه في حقك، وتقبَّلْ نفسك كما أنت، وإقتنع بذاتك، المِفتاح السحري الذي يحقِّق أعلى درجات الرضا وقَبول هذا العالم الذي لا مكان فيه للأخلاق، ولا فسحة للقيم الجمال، ولا فرصة لأحلام القلوب، عالم مكدس بأفكار ميتة وأخرى قاتلة، عالم لا تُطلق فيه الرصاصة إلا لقتل الحب والوئام، ولا تُرفع به الفؤوس إلا لإجتثات الأشجارة الوارفة الظليلة ودفن الأنوار الساطعة وقتل العقول النيرة، عالم لا تقدمُ فيه المواعظ إلا لتبرير الارتداد والانحطاط والجمود، و لا تُلقى فيه الخطب إلا لشرعنة الاستبداد وأعراف الهيمنة والظلم.
وإذا كنت مثلي لا تتقبل النفاق والمداهنة، وترفض التحريف والانتهازية كجدلية لابد منها عند العديد ممن نعاشهم في مجتمعنا المتخلف، وكنت من أصاحب الفكر الحقيقي والرؤى الخلاقة وتحمل في دواخلك مشاريع التعايش السلمي، وتؤمن بالموضوعية، وترفض التطرف والغلو في كل شيء.. فاستعذ وتهيئ لحرب دروس يشنها عليك القريب قبل البعيد، الصديق قبل العدو، المتدين فبل الماركسي واللبرالي والمتطرف والجاهل، واصبر على كراهية ومعاداة الضعيف المستبد، وتحمل استغلال الانتهازي اللئيم، وتجلد على ظلم ذوي القربى، وعلى ناكري الجميل، وإذا لم تستطع لذلك تحملا، فاسكب مداد محبرتك، واكسر أقلامك وهشم حاسوبك،و اهجر عالم الكتابة، والأفضل أن تحزم أمتعتك وترحل إلى أرض خلاء، ليس فيها وسائل أتصال، لأنك لن تستطيع أن تعيش بين بشر لايقدرون أقلاما قد تكون في لسانها شيء من الحكم ، التي قال فيها سبحانه و تعالى في سورة البقرة الآية الكريمة (269) " يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ " واحمد الله على نعمة الرضا عن الذَّات !!!!
حميد طولست